للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال جماعةٌ من أهلِ العِلم: إنَّ ذلك على الحقِيقةِ، وإنَّها تَنْطِقُ، وإنّما يُنطِقُها الله الذي يُنطِقُ الجُلُودَ، وكلَّ شيءٍ، ولها لِسانٌ كما شاءَ الله عزَّ وجلَّ. واسْتَشْهَدُوا بقولِهِ عزَّ وجلَّ: {يَوْمَ نَقُولُ (١) لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق: ٣٥]، وبقولِهِ: {سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} [الفرقان: ١٢].

وبِما جاءَ من نحوِ هذا في الآثارِ الثّابِتةِ، نحو قولِهِ: "فتقُولُ قَطْ قَطْ" (٢).

وتقُولُ: "وُكِّلتُ بكلِّ جبّارٍ عنيدٍ" (٣).

وهذا ونحى في القُرآنِ والأحادِيثِ كثِيرٌ جِدًّا، وحملُوا ما في القُرآنِ والآثارِ من مِثلِ هذا على الحَقِيقةِ.

واحتجُّوا بقولِ الله عزَّ وجلَّ: {يَقُصُّ الْحَقَّ} [الأنعام: ٥٧]. وقولِهِ: {وَالْحَقَّ أَقُولُ} [ص: ٨٤] ونحوِ هذا.

ولكِلا القَوْلينِ وجهٌ يَطُولُ الاعتِلالُ لهُ، والله المُوفِّقُ للصَّوابِ.


(١) هي قراءة نافع، وأبي بكر. انظر: السبعة في القراءات لأحمد بن موسى البغدادي، ص ٦٠٧، وقراءة حفص عن عاصم: "نقول".
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٢٠٨٩٣)، وإسحاق بن راهوية (١٢١)، وأحمد في مسنده ١٣/ ١٥٠ (٧٧١٨)، والبخاري (٤٨٤٩، ٤٨٥٠، ٧٤٤٩)، ومسلم (٢٨٤٦) (٣٦)، والبزار في مسنده ١٦/ ٢٨٢ (٩٤٨٣)، والنسائي في الكبرى ٧/ ١٥٧ (٧٦٩٣)، وأبو عوانة (٤٦٤)، وابن حبان ١٦/ ٤٨٢ (٧٤٤٧) من حديث أبي هريرة. وانظر: المسند الجامع ١٨/ ٢٧٨ - ٢٧٩ (١٤٩٨٣).
(٣) أخرجه أحمد في مسنده ١٤/ ١٥٢ (٨٤٣٠)، والترمذي (٢٥٧٤)، والبيهقي في البعث والنشور (٥٢٤) من حديث أبي هريرة. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
وقد رواه بعضهم عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو هذا. قلنا: وذكر الإمام الدارقطني في العلل (١٩٣٧) الاختلاف فيه على الأعمش، وذكر أنَّ حديثه عن عطية العوفي عن أبي سعيد هو المحفوظ. وهو إسناد ضعيف لضعف عطية، أخرجه ابن أبي شيبة (٣٥٢٧٨)، وأحمد ١٧/ ٤٥٠ (١١٣٥٤)، وعبد بن حميد (٨٩٧)، وأبو يعلى (١١٣٨) و (١١٤٦). وانظر: المسند الجامع ١٨/ ٥١٥ (١٥٣٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>