للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا يُصحِّحُ ما قالهُ مالكٌ: أنَّهُ طلَّقها وهُو غائبٌ.

وقال في هذا الحديثِ جماعةٌ عن الشَّعبِيِّ، وعن أبي سَلَمةَ: إنّهُ طلَّقها، ثُمَّ خرجَ إلى اليمنِ، أو إلى بَعضِ المغازِي. فالله أعلمُ.

وروى صالحُ بن كَيْسانَ (١)، وابنُ جُريج (٢)، وشُعيبُ بن أبي حمزةَ (٣)، عن الزُّهرِيِّ، عن أبي سلمةَ، عن فاطِمةَ: أنَّ زوجَها طلَّقها آخِرَ ثلاثِ تطلِيقاتٍ.

ورَوَى ابنُ إسحاق، عن عِمرانَ بن أبي أنسٍ، عن أبي سلمةَ، عن فاطِمةَ، قالت: كنتُ عِندَ أبي عَمرو (٤)، فبعثَ إليَّ بتطلِيقتي الثّالِثةِ (٥).

فهذا ما بَلَغني ممّا في حديثِ فاطِمةَ من الاختِلافِ في صِفةِ طلاقِها، فلا حُجَّةَ فيه لمن قال: إنَّ طلاقَ الثَّلاثِ مُجتمِعاتٍ سُنّةٌ، ولا لمن أنكرَ ذلك، للاختِلافِ فيهِ.

وقد أوضحنا القولَ في هذه المسألةِ، وبسطناهُ ومهَّدناهُ في بابِ نافِع، والحمدُ لله.

وأمّا قولُهُ: فأرسلَ إليها وكِيلهُ بشعِيرٍ. ففيه إباحَةُ الوَكالةِ وثُبُوتُها، وهذا أصلٌ فيها.

وأمّا قولُهُ: والله ما لكِ عَلَينا من شيءٍ، فجاءَت رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكرَتْ ذلك لهُ، فقال: "ليسَ لكِ عليه نَفقةٌ".


(١) أخرجه مسلم (١٤٨٠) (٤٠)، والطبراني في الكبير ٢٤/ ٣٦٧ (٩١٢) من طريق صالح بن كيسان، به.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (١٢٠٢٢، ١٢٠٢٣)، وأحمد في مسنده ٤٥/ ٣٣٤ (٢٧٣٤٧)، والطبراني في الكبير ٢٤/ ٣٦٦ (٩٠٩)، والدارقطني في سننه ٥/ ٥٢ (٣٩٧٠) من طريق ابن جريج، به.
(٣) ذكره أبو داود بإثر رقم (٢٢٩٠).
(٤) في الأصل، ي ١، ت، م: "عمر".
(٥) أخرجه أحمد في مسنده ٤٥/ ٣١٨ (٢٧٣٣٤) من طريق ابن إسحاق، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>