للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: ٦] وزادَ بعضُ أهلِ الكُوفةِ في الحديثِ عن عُمرَ: النَّفقةُ. والحديثُ يَدُورُ على الأعْمَشِ بأسانيدَ مُختلِفةٍ، وكلُّ رِوايةِ الأعْمَشِ على اختِلافِها في هذا الحديثِ، فإنَّها تَدُورُ على إبراهيمَ.

وقد رَوَى منصُورٌ، وهُو أصحُّ رِوايةً من الأعمشِ، عن إبراهيمَ في المُطلَّقةِ ثلاثًا: لها السُّكنى والنَّفقةُ، ولا يُجبرُ على النَّفقةِ (١).

هذا كلُّهُ كلامُ إسماعيل، وفيه ما فيه من دَفْع ظاهِرِ قَولِ عُمر، إلى دعوى لا يُسِيغُ هُو ولا غيرُهُ لأحَدٍ مِثل ذلك في دَفْع نصٍّ، إلّا أنَّهُ لمّا كان قولُ عُمر خِلافَ نصِّ السُّنَّةِ، كان دفعُهُ - بتأوِيلٍ ضَعِيفٍ - خيرًا من أن ينسُبهُ إلى مُخالفةِ السُّنَّةِ الثّابِتةِ، على أنَّهُم مُتَّفِقُونَ فيما رواهُ العُدُولُ، أنَّهُ لا يُردُّ نصٌّ بتأوِيلٍ يَدْفعُهُ جُملةً (٢)، وذلك عِندِي في المُسندِ دُون رأي أحدٍ، والله أعلمُ.

وذكر عبدُ الرَّزّاقِ (٣)، عن الثَّورِيِّ، عن سَلَمةَ بن كُهَيل، عن الشَّعبِيِّ، عن فاطِمةَ ابنةِ قَيْسٍ، قالت: طلَّقني زَوْجِي ثلاثًا، فجِئتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فسَألتُهُ، فقال: لا نَفَقةَ لكِ ولا سُكنى، قال: فذكَرْتُ ذلك لإبراهيمَ، فقال: قال عُمرُ بن الخطّابِ: لا نَدَعُ كِتاب ربِّنا، وسُنّةَ نبِيِّنا، لها النَّفقةُ والسُّكنى.

قال أبو عُمر: أمّا النَّفقةُ للمَبْتُوتةِ، ففيه نصٌّ ثابتٌ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنَّها لا نَفَقةَ لها، وذلك قولُهُ - صلى الله عليه وسلم - لفاطِمةَ بنتِ قَيْسٍ: "ليسَ لكِ عليه نفقةٌ" من حديثِ مالكٍ (٤) وغيرِهِ، فلا معنى لما خالَفهُ.


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٨٩٩١) من طريق منصور، به.
(٢) في ت: "مثله".
(٣) في المصنَّف (١٢٠٢٧).
(٤) هو حديث هذا الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>