للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومَعمرٌ، عن الزُّهرِيِّ، عن سالم، عن ابنِ عُمرَ، قال: لا تَنْتقِلُ المبتُوتةُ من بَيْتِ زَوْجِها، حتَّى يحُلَّ أجَلُها (١).

وقال إسماعيلُ بن إسحاقَ، قال قومٌ: لا سُكنَى للمَبتُوتةِ، ولا نفقةَ. وذهبُوا إلى الحديثِ الذي ذُكِرَ عن فاطِمةَ بنتِ قيسٍ: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يجعَلْ لها سُكْنَى ولا نَفَقةً. وتَأوَّلُوا قولَ الله عزَّ وجلَّ: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: ٦]، أنَّ ذلك إنَّما هُو في المرأةِ التي تُطلَّقُ واحِدةً، أوِ اثنتينِ، ويَملِكُ زَوْجُها رجعَتَها.

قال: ولو كانَ ذلك كما تأوَّلُوا، لكان: أسكِنُوهُنَّ من حيثُ سَكْنتُم، وأنفِقُوا عليهنَّ. ولم يستثنِ النَّفقةَ على الحامِلِ خاصَّةً، لأنَّ التي يَملِكُ زوجُها رجعَتَها، لها أحْكامُ الزَّوجاتِ في السُّكْنَى والنَّفقةِ، لا فرقَ بينها وبين التي لم تُطلَّق في ذلك، فعَلِمنا أنَّهُ لمّا اسْتَثنى النَّفقةَ منهُنَّ لذواتِ الأحمالِ، أنَّها ليَسْتِ التي يَملِكُ زوجُها رجعَتَها.

وأمّا الشّافِعيُّ (٢)، فاحتجَّ في سُقُوطِ نفقةِ المبتُوتُةِ، بحديثِ مالكٍ المذكُورِ في هذا البابِ، عن عبدِ الله بن يزِيد مولى الأسودِ بن سُفيانَ، عن أبي سَلَمةَ بن عبدِ الرَّحمنِ، عن فاطِمةَ بنتِ قيسٍ، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "ليسَ لكِ نفقة". وأوجَبَ عليها السُّكنى، ثُمَّ نقَلَها عن مَوْضِعِها لعِلَّةٍ. قال: الشّافِعيُّ: وإنَّما أسْكَنها في بيتِ ابنِ أُمِّ مكتُوم، لأنَّها كان في لِسانِها ذَرَبٌ (٣).

قال أبو عُمر: اختلَفَ العُلماءُ في تأوِيلِ قولِ الله عزَّ وجلَّ في المُطلِقاتِ: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}


(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (١٢٠٣٩) عن معمر، به.
(٢) انظر: الأم ٥/ ١١٧.
(٣) لسان ذرب: أي حاد، والذربة من النساء: السليطة اللسان. انظر: العين للخليل بن أحمد ٨/ ١٨٣ - ١٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>