للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفيما ذكَرْنا دليلٌ على ما وصَفْنا من جَوازِ غشيانِ النِّساءِ الصّالحِاتِ المُتجالّاتِ في بُيُوتِهِنَّ، والحديثِ معهُنَّ.

وأمّا قولُهُ: إنَّ مُعاويةَ وأبا جهم خَطَباني، ثُمَّ خِطْبةُ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إيّاها لأُسامَةَ بن زيدٍ، حِين أخبَرتهُ أنَّ مُعاويةَ وأبا جَهْم خَطَباها. ففيه دليلٌ على أنَّهُ لا بأسَ أن يخطُب الرَّجُلُ على خِطْبةِ أخِيهِ، ما لم يُركَن (١) إليه، على ما قال مالكٌ وغيرُهُ، ممّا قد ذكَرْناهُ في بابِ محمدِ بن يحيى بن حَبّان وغيرِهِ، من كِتابِنا هذا.

واتَّفق جُمهُورُ الفُقهاءِ، على أنَّهُ إذا رُكِنَ إلى الخاطِبِ الأوَّلِ، لم يجُز أن يخطُبَ أحَدٌ على خِطْبتِهِ. وقال بعضُ أصحابِ الشّافِعيِّ: يجُوزُ على حَدِيثِ فاطِمةَ هذا. وهذا ليسَ بشيءٍ؛ لأنَّهُ يجعلُ الأحادِيث مُتعارضةً (٢)، وإذا حُمِلت على ما قالَ الفُقهاءُ لم تَتَعارض.

وقد مَضَى الحُكمُ فيمَنْ خطَبَ على خِطبةِ أخِيهِ، في بابِ محمدِ بن يحيى بن حَبان.

ومِثلُ خِطْبةِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لأُسامةَ بن زيدٍ على خِطْبةِ مُعاويةَ وأبي جَهْم، ما ذكَرهُ ابنُ وَهْبٍ، عن ابنِ لِهيعةَ وغيرِهِ، عن عُبيدِ الله بن المُغِير، أنَّهُ سمِعَ الحارِث بن سُفيانَ الأسدِيَّ يُحدِّثُ، عن الحارِثِ بن سَعْدِ بن أبي ذُبابٍ (٣): أنَّ عُمر بن الخطّابِ خطَبَ امرأةً على جرِيرٍ البجلِيِّ، وعلى مروانَ بن الحكم، وعلى عبدِ الله بن عُمرَ، فدخلَ على المرأةِ وهي جالِسةٌ في قُبَّتِها عليها سِترٌ، فقال عُمرُ: إنَّ جرِيرًا البجلِيَّ يخطُبُ، وهُو سيِّدُ أهلِ المشرِقِ، ومروانُ يخطُبُ، وهُو


(١) في الأصل، م: "تركن".
(٢) في الأصل، م: "معارضة"، والمثبت من د ٢.
(٣) في د ٢: "ذياب"، مصحّف. وانظر: تاريخ البخاري الكبير ٢/ ٢٦٩، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٣/ ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>