للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو حنِيفةَ: قُريشٌ أكفاءٌ، والعربُ أكفاءٌ، ومن كان لهُ أبوانِ في الإسلام أكفاءٌ، ولا يكونُ كُفُؤًا من لا يجدُ المهرَ والنَّفقةَ.

وقال أبو يُوسُف: وسائرُ النّاسِ على أعمالِهِم، فالقصّارُ (١) لا يكونُ كُفُؤًا لغير من التُّجّارِ، وهُم يتفاضلُونَ بالأعمالِ، فلا يجُوزُ إلّا الأمثالُ.

قال: وتَعذُّرُ المهرِ والنَّفقةِ، لا يَمنعُ من الكفاءَةِ، والعَبدُ ليسَ بكُفءٍ لأحَدٍ.

وكان أبو الحسنِ الكرخِيُّ من بينِ سائرِ أصحابِ أبي حنِيفةَ يُخالِفُ أصحابهُ في الكفاءَةِ، ويقولُ: الكفاءَةُ في الأنفُسِ كالقِصاصِ.

وسائرُ أصحابِهِ يعتبِرُونَ الكفاءَةَ في المهرِ والنَّفقةِ.

وقال (٢) الشّافِعيُّ (٣): ليسَ نِكاحُ غيرِ الكُفءِ مُحرَّمًا، فأرُدُّهُ بكلِّ حال، إنَّما هُو تَقصِيرٌ بالمُتزوِّجةِ والوُلاةِ، فإن رضِيَتْ ورضُوا جاز. قال: وليسَ نقصُ المهرِ نَقْصًا في النَّسبِ، والمهرُ لها دُونهُم، فهي أولى به منهُم، كالنَّفقةِ لها أن تَترُكها مَتى شاءَت.

قال: وإذا اختلَفَ الوُلاةُ فزوَّجها بإذنِها أحدُهُم كُفئًا جازَ، وإن كان غيرَ كُفءٍ، لم يَثبُت إلّا باجتِماعِهِم، قبلَ نِكاحِهِ، فيكونُ حقًّا لهم تَرَكُوهُ (٤).

قال أبو عُمر: الكفاءَةُ عِندَ الشّافِعيِّ وأصحابِهِ: النَّسبُ والحالُ، وأفضلُ الحالِ عِندهُمُ الدِّينُ، والحالُ اسمٌ جامِعٌ لمعانٍ كثِيرةٍ، مِنها: الكرمُ، والمُرُوءَةُ، والمالُ، والصِّناعةُ، والدِّينُ، وهُو أرفَعُها.


(١) القصار: المبيض للثياب، وكان يهيئ النسيج بعد نسجه، ببله ودقه بالقصرة. انظر: المعجم الوسيط، ص ٧٣٩.
(٢) في م: "وفي".
(٣) انظر: الأم ٥/ ١٦.
(٤) في م: "تركه".

<<  <  ج: ص:  >  >>