للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم تختلف الرّواةُ لـ "المُوطَّأ" في إسنادِ هذا الحديثِ وإرسالِهِ على حسَبِ ما ذكَرْناهُ عن يحيى، وقد رواهُ بُكيرُ بن الأشجِّ، عن سُليمان بن يَسارٍ، عن ميمُونةَ (١).

فأمّا ما في هذا الحديثِ من ذِكرِ الضَّبِّ، وامتِناع رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - من أكلِهِ، وإذْنِهِ لخالدِ بن الولِيدِ، وعبدِ الله بن عبّاسٍ في أكلِهِ، فقد مَضَى هذا المعنى مُمَهَّدًا في حديثِ ابنِ شِهابٍ، عن أبي أُمامةَ، من كِتابِنا هذا، ومَضَى أيضًا في الضَّبِّ حديثُ مالكٍ (٢)، عن (٣) عبدِ الله بن دِينارٍ، عن ابنِ عُمر، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

وقد ذكَرْنا في بابِ عبدِ الله بن دِينارٍ ما لفُقهاءِ الأمصارِ من الاختِلافِ في أكلِ الضَّبِّ، وما نزعَتْ به كلُّ فِرقةٍ وذهبَتْ إليه من الآثارِ في ذلك، بأبسطِ ما يكونُ وأوضَحِهِ، فمن أرادَ الوُقُوف على ذلك تأمَّلهُ هُناك، فلا معنَى لإعادةِ ما مَضَى من ذلك هاهُنا.

وأمّا قولُهُ في هذا الحديثِ: فقال: "إنِّي تحضُرُني من الله حاضِرةٌ". فمعناهُ، إن صحَّتْ هذه اللَّفظةُ، لأنَّها لا تُوجَدُ في غيرِ هذا الحديثِ، مَعناها (٤) ما ظهَرَ في حديثِ ابن عبّاسٍ، وخالدِ بن الولِيدِ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنَّهُ قال فيهِ: "لم يكُن بأرضِ قَوْمِي فأجِدُني أعافُهُ" (٥).

وقد رُوِي عن عُمرَ بن الخطّابِ: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قذِرَ الضَّبَّ فلم يأكلهُ.

وقد بيَّنّا المعنى في ذلك كلِّهِ، في بابِ ابنِ شِهابٍ، وعبدِ الله بن دِينارٍ، والحمدُ لله.

حدَّثنا أحمدُ بن قاسم وعبدُ الوارِثِ بن سفيانَ، قالا: حدَّثنا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حدَّثنا الحارِثُ بن أبي أُسامَةَ، قال: حدَّثنا عبدُ الوهّابِ بن عطاءٍ، قال: حدَّثنا


(١) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه.
(٢) أخرجه في الموطأ ٢/ ٥٦٠ (٢٧٧٦).
(٣) من هنا إلى قوله: "فالفقهاء الأمصار" سقط من د ٢.
(٤) في ي ١، ت: "فمعناها".
(٥) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٥٦٠ - ٥٦١ (٢٧٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>