للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يومَ أُحُدٍ، وأجْرَى مُعاويةُ بن أبي سُفيانَ العينَ، فاسْتَخرجَهُم بعدَ سِتٍّ وأربعِينَ سنةً ليِّنةً أجْسادُهُم (١) تَنْثَني أطرافُهُم (٢).

قال أبو عُمر: هذا هُو الصَّحِيحُ، واللهُ أعلمُ، أنَّهُمُ اسْتُخرِجُوا بعدَ سِتٍّ وأربعِينَ سنةً؛ لأنَّ مُعاويةَ لم يُجرِ العينَ إلّا بعدَ اجتِماع النّاسِ عليه خَلِيفةً، وكان اجتِماعُ النّاسِ عليه عامَ أربعِينَ من الِهجرةِ في آخِرِها، وقد قيل: سنةَ (٣) إحدى وأربعِينَ، وذلك حِينَ بايَعهُ الحسنُ بن عليٍّ وأهلُ العِراقِ، فسُمِّي عام الجماعةِ، وتُوُفِّي سنةَ سِتِّين.

وقد رَوَى أبو مَسْلمةَ سعِيدُ بن يزِيد، عن أبي نضرةَ، عن جابرٍ: أنَّهُم أُخرِجُوا بعدَ سِتَّةِ أشهُرٍ. فإن صحَّ هذا، فمرَّتينِ أُخرِجَ والِدُ جابرٍ من قَبرِهِ.

وأمّا خُرُوجُهُ، وخُرُوجُ غيرِهِ في حِينَ أجْرى (٤) مُعاويةُ العين، فصحِيحٌ، وذلك بعد سِتَّةٍ وأربعِينَ عامًا، على ما في حديثِ مالكٍ وغيرِهِ.

حدَّثنا عبدُ الوارِثِ بن سُفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن زُهَيرٍ، قال: حدَّثنا خالدُ بن خداش (٥)، قال: حدَّثنا غسّانُ بن مُضرَ، قال: حدَّثنا سعِيدُ بن يزِيدَ أبو مَسْلمةَ، عن أبي نَضْرةَ، عن جابرِ بن عبدِ الله، قال: دَعاني أبي، وقد حَضَر قِتالَ أُحُدٍ، فقال لي: يا جابرُ إنِّي لا أُراني إلّا أوَّل مَقتُولٍ يُقتَلُ غَدًا من أصحابِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنِّي لن أدَعَ أحدًا أعزَّ عليَّ مِنكَ غيرَ نَفْسِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنَّ لكَ أخواتٍ فاسْتَوصِ بهِنَّ خيرًا، وإنَّ عليَّ دينًا فاقْضِ عنِّي، فكان أوَّلَ قَتِيلٍ من أصحابِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: فدَفنتُهُ هُو


(١) في الأصل: "أجسامهم"، والمثبت من د ٢.
(٢) أخرجه ابن سعد في طبقاته ٣/ ٥٦٣، وابن أبي شيبة في المصنَّف (٣٧٩٤٥) من طريق أبي الزبير، به. وعندهما: "بعد أربعين سنة".
(٣) في الأصل، م: "عام"، والمثبت من د ٢، وهو الصواب لقوله بعد: "إحدى".
(٤) في م: "إجراء".
(٥) في م: "بن حراش"، خطأ. وهو خالد بن خداش بن عجلان الأزدي، أبو الهيثم البصري.
انظر: تهذيب الكمال ٨/ ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>