للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في المرأةِ الحائضِ التي تُهِلُّ بحَجٍّ أو عُمرةٍ: إنَّها تُهِلُّ بحجِّها أو بعُمرتِها إذا أرادَتْ، ولكِن لا تَطُوفُ بالبيتِ، ولا بينَ الصَّفا والمروةِ (١)، ولا تَقْربُ المسجدَ حتَّى تَطْهُرَ، وهي لا تحِلُّ حتَّى تطُوفَ بالبيتِ، وبين الصَّفا والمروةِ.

فقولُ ابنِ عُمرَ هذا على نحوِ رِوايةِ يحيى، إلّا أنَّ ذلك غيرُ محفُوظٍ في حديثِ عبدِ الرَّحمنِ بن القاسم هذا، عن أبيهِ، عن عائشةَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

وفُقهاءُ الأمصارِ بالحِجازِ، والعِراقِ، والشّام، لا يرونَ بأسًا بالسَّعيِ بين الصَّفا والمروةِ على غَيرِ طَهارةٍ (٢). وما جازَ عِندهُم لغيرِ الطّاهِرِ أن يَفْعلهُ، جازَ للحائضِ أن تَفعلهُ. وهذا مذهبُ مالكٍ، والشّافِعيِّ، وأبي حَنِيفةَ وأصحابِهِم. وهُو قولُ عَطاءٍ. وبه قال أحمدُ، وأبو ثَوْرٍ، وغيرُهُم.

وحُجَّتُهُم قولُ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لعائشَةَ في هذا الحديثِ: "افْعَلي ما يفعلُ الحاجُّ، غيرَ أن لا تَطُوفي بالبيتِ".

وكان الحسنُ البصرِيُّ يقولُ: من سعَى بين الصَّفا والمروةِ، على غيرِ طَهارةٍ، فإن ذكرَ قبلَ أن يحِلَّ فليُعِد، وإن ذكرَ بعدَما حلَّ، فلا شيءَ عليه (٣).

وأجمعُوا أنَّهُ لا يجُوزُ لأحدٍ الطَّوافُ بالبيتِ إلّا على طَهارةٍ.

واختَلفُوا فيمَنْ فَعلهُ على غيرِ طَهارةٍ، ثُمَّ رجَعَ (٤) إلى بَلدِهِ قبلَ أن يعلمَ به.

فقال مالكٌ والشّافِعيُّ (٥): حُكمُهُ حُكمَ من لم يَطُف أصلًا. وقال أبو حَنِيفةَ: يَبْعثُ بدَم، ويُجزِئُهُ (٦).


(١) قفز نظر ناسخ د ٢ إلى لفظة "المروة" الآتية، فسقط ما بينهما.
(٢) ينظر: الإجماع لابن المنذر ١/ ٥٦.
(٣) انظر: الإشراف لابن المنذر ٣/ ٢٩٦.
(٤) في الأصل: "خرج".
(٥) انظر: الأم ٢/ ١٩٤، وشرح مختصر الطحاوي للجصاص ٢/ ٥٣٠، والتفريع في فقه الإمام مالك لابن الجلاب ١/ ٢٢٤.
(٦) من قوله: "واختلفوا فيمن فعله" إلى هنا، سقط من ي ١، ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>