للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أشهبُ في المُنهدَم عليهِم، والمحبُوسِينَ، والمربُوطِ، ومن صُلِبَ في خَشَبةٍ، ولم يَمُت: لا صَلاةَ عليهم حتَّى يَقدِرُوا على الماءِ، أو على الصَّعِيدِ، فإذا قَدَرُوا صلَّوا.

وقال ابنُ خُوَيْزمَنْداد: الصَّحِيحُ من مَذهبِ مالكٍ: أنَّ كلَّ من لم يَقْدِر على الماءِ، ولا على الصَّعِيدِ، حتَّى خرجَ الوَقتُ: أنَّهُ لا يُصلِّي، ولا عليه شيءٌ. قال: رواهُ المدنِيُّون عن مالكٍ. قال: وهُو الصَّحِيحُ من المذهبِ.

قال أبو عُمر: ما أعرِفُ كيفَ أقدَمَ على أن جعَلَ هذا هُو الصَّحِيح من المذهبِ، مع خِلافِهِ جُمهُور السَّلفِ، وعامَّةَ الفُقهاءِ، وجماعةَ المالكِيِّين، وأظنُّهُ ذهَبَ إلى ظاهِرِ حديثِ مالكٍ هذا، في قولِهِ: وليسُوا على ماءٍ، فنامَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتَّى أصبَحَ، وهُم على غيرِ ماءٍ، فأنزلَ الله آيةَ التَّيمُّم. ولم يَذكُر أنَّهُم صلَّوا.

وهذا لا حُجَّةَ فيه؛ لأنَّهُ لم يَذكُر أنَّهُم لم يُصلُّوا، وقد ذكَرَ هشامُ بن عُروةَ، عن أبيهِ، عن عائشَةَ في هذا الحديثِ: أنَّهُم صلَّوا بغَيرِ وُضُوءٍ. ولم يذكُر إعادَةً.

وقد ذهَبَ إلى هذا طائفةٌ من الفُقهاءِ.

قال أبو ثورٍ: وهُو القِياسُ.

وقال ابنُ القاسم: يُصلُّونَ إن قَدَرُوا، وكان عَقلُهُم معهُم، ثُمَّ يُعِيدُونَ إذا قَدرُوا على الطَّهارر بالماءِ، أو بالتَّيمُّم (١).

وقد رَوَى ابنُ دِينارٍ، عن مَعْن، عن (٢) مالكٍ، فيمَن كتَّفهُ الوالِي أو حَبَسهُ، فمَنعهُ من الصَّلاةِ، حتَّى خرَجَ وقتُها: أنَّهُ لا إعادَةَ عليهِ.


(١) انظر: الاستذكار ١/ ٣٠٥. وانظر فيه أيضًا ما بعده.
(٢) في م: "بن". وهو معن بن عيسى بن يحيى بن دينار القزاز، أبو يحيى المدني. انظر: تهذيب الكمال ٢٨/ ٣٣٧، وانظر: هذا القول في الاستذكار ١/ ٣٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>