للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البابِ، عِندَ ذِكرِ حديث حُميدِ بن قيسٍ، عن عطاءٍ، في قِصَّةِ الأعرابيِّ صاحِبِ الجُبَّةِ (١). لا وجهَ لإعادَتِها هاهُنا.

وجُملةُ القَولِ على مذهبِ مالكٍ في هذا البابِ: أنَّ الطِّيبَ عِندَهُ للإحرام، وبعدَ العَقَبةِ ليس بحرام، وإنَّما هُو مَكرُوهٌ. ومالَ فيه إلى اتِّباع عُمرَ، وابنِ عُمرَ، لقُوَّةِ ذلك عِندهُ، وباللّه التَّوفِيقُ.

ذكر مالكٌ (٢)، عن يحيى بن سعِيدٍ، وعبدِ الله بن أبي بكرٍ، وربِيعةَ: أنَّ الولِيدَ بن عبدِ الملكِ سألَ سالم بن عبدِ الله، وخارِجةَ بن زيدِ بن ثابتٍ، بعدَ أن رَمَى الجَمْرةَ، وحلَقَ رأسهُ، وقبلَ أن يُفِيضَ، عن الطِّيبِ، فنهاهُ سالمٌ، وأرخصَ لهُ خارِجةُ.

ورَوَى جماعةٌ عن مالكٍ: أنَّهُ أخذَ في هذه المسألةِ بقولِ خارِجةَ، ولم يَرَ على من تطيَّبَ بعدَ رَمْيِ جَمْرةِ العَقَبةِ، وقبلَ أن يطُوفَ طوافَ الإفاضَةِ شيئًا، وإن كان يُكرَهُ لهُ ذلك.

وأخْذُهُ في هذا بقولِ خارِجةَ، تركٌ لقولِ عُمرَ ومذهبِهِ في ذلك؛ لأنَّ عُمرَ قال: من رَمَى جمرةَ العَقَبةِ، فقد حلَّ لهُ كلُّ شيءٍ إلّا النِّساءَ، والطِّيب. ومَعلُومٌ أنَّهُ إذا لم يحِلَّ لهُ الطِّيبُ، فهُو حرامٌ عليه، وتلزمُهُ الفِدْيةُ إن تطيَّبَ قبلَ الإفاضةِ، على مَذهبِ عُمرَ.

وقد خالَفَ مالكٌ عُمرَ أيضًا، في معنى حديثهِ هذا؛ لأنَّ مالكًا يقولُ: لا يحِلُّ الاصْطِيادُ لمن رَمَى جمرةَ العَقَبةِ، حتَّى يطُوفَ طوافَ الإفاضَةِ (٣). وقد قال عُمرُ: إلّا النِّساءَ والطِّيب. ولم يَقُل: والصَّيد.


(١) هو في الموطأ ١/ ٤٤٢ (٩٢١).
(٢) أخرجه في الموطأ ١/ ٤٤٣ - ٤٤٤ (٩٢٤).
(٣) انظر: المدونة ١/ ٤٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>