للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رُوِي عن مالكٍ، عن نافِع، عن ابنِ عُمرَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ولا يصِحُّ هذا الإسنادُ فيه عن مالكٍ (١)، وإنَّما هُو لمالكٍ، عن عبدِ الرَّحمنِ بن القاسم، كما في "المُوطَّأ".

وصدَقَ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنَّ المُصِيبةَ به أعْظَمُ من كلِّ مُصِيبةٍ يُصابُ بها المُسلِمُ بعدَهُ إلى يوم القِيامةِ، انقطَعَ الوَحْيُ، وماتتِ النُّبُوَّةُ، وكان أوَّلُ ظُهُورِ الشَّرِّ بارتِدادِ العَرَبِ، وغيرِ ذلك ممّا يَطُولُ ذِكرُهُ، وكان أوَّل انقِطاع الخيرِ، وأوَّل نُقصانِهِ.

قال أبو سعِيدٍ الخُدرِيُّ: ما نَفْضنا أيَدِينا من تُرابِ قَبرِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، حتَّى أنكَرْنا قُلُوبنا (٢).

ولقد أحسن أبو العَتاهِيةِ في نَظمِهِ معنى هذا الحديثِ، حيثُ يقولُ (٣):

اصبِر لكلِّ مُصِيبةٍ وتجلَّدِ ... واعلَمْ بأنَّ المرءَ غيرُ مُخلَّدِ

أوَ ما تَرَى أنَّ المصائبَ جمَّةٌ ... وتَرَى المنِيّةَ للعِبادِ بمَرْصدِ

من لم يُصَبْ ممَّن تَرَى بمُصِيبةٍ ... هذا سبِيلٌ لسْتَ فيه بأوحدِ

وإذا ذكرتَ محمدًا ومُصابهُ ... فاجعَلْ مُصابَكَ بالنَّبيِّ محمدِ

وأحسن الرّاجِزُ في قولِهِ:

لو كُنت يا أحمدُ فينا حيّا ... إذَنْ رشَدْنا وفقَدْنا الغيّا

بأبي (٤) أنت وأُمِّي من نبِيِّ ... لم تر عَيْناي ولا عينُ أبيِّ


(١) قوله: "الإسناد فيه عن مالك" سقط من م.
(٢) أخرجه البزار، كشف الأستار (٨٥٣).
(٣) ديوانه، ص ١١٠ - ١١١.
(٤) في م: "بأبي".

<<  <  ج: ص:  >  >>