للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما بولٌ؟ قُلتُ: فما الشَّنُّ؟ قالت: جاءَ رجُلٌ عَطْشانُ، فقال: اسقِني، فقال: دُونكَ الشَّنُّ. فإذا ليسَ فيه شيءٌ، فخرَّ الرَّجُلُ ميِّتًا، فهُو يُنادي مُنذُ يوم ماتَ: شنٌّ، وما شنٌّ؟ فلمّا قدِمتُ على رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أخبَرتُهُ، فنهى أن يُسافِر الرَّجُلُ وحدهُ.

قال أبو عُمر: هذا الحدِيثُ ليسَ لهُ إسنادٌ، ورُواتُهُ مجهُولُونَ، لم نُورِدهُ للاحتِجاج به، ولكِن للاعتِبارِ، وما لم يكُن فيه حُكمٌ، فقد تسامَحَ النّاسُ في رِوايتِهِ عن الضُّعفاءِ، واللّه المُستعانُ.

أخبَرنا عبدُ الله بن محمدٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الحميدِ بن أحمد، قال: حدَّثنا الخَضرُ بن داود، قال: حدَّثنا أبو بكرٍ الأثرمُ، قال: حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، قال: حدَّثنا أبو عَوانةَ، قال: حدَّثنا المُغِيرةُ بن زِيادٍ، عن أبي عَمْرو (١) مولى أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ، قال: أتيتُ عُمرَ بن عبدِ العزيزِ وهُو بجُدَّةَ، وهُو يومئذٍ أمِيرُ مكَّةَ والمدِينةِ، فأتيتُهُ بطُرَفٍ من طُرَفِ مكَّةَ، وأمْشاطٍ من عاج، وسِرتُ لَيْلتِي، فصبَّحتُهُ، وهُو قاعِدٌ في مجلِسِهِ يَقْرأُ في المُصحفِ، ودُمُوعُهُ تسِيلُ على لحيتِهِ، فلمّا رآني رَحَّبَ بي، ثُمَّ قال: أبا عَمْرو، متى فارقتَ مكَّةَ؟ قُلتُ: اللَّيلةَ عِشاءً، قال: من جاءَ معكَ؟ قُلتُ: ما جاءَ مَعِي أحدٌ، قال: بئسَ ما صنعتَ، أما بلغَكَ أنَّ الشَّيطانَ مع الواحِدِ، وهُو من الاثنينِ أبعدُ، والثَّلاثةُ صحابةٌ، إذا ماتَ أحدُهُم، دَفنهُ صاحِباهُ. قال: فقدَّمتُ إليه الهدِيَّةَ، فأعجَبتهُ، فقال: أمّا هذه الأمشاطُ العاجُ، فلا حاجَةَ لنا بها، قد كُنّا مَرَّةً نَمتشِطُ بها، فأمّا اليومَ، فلا حاجَةَ لنا فيها.

قال أبو عُمر: قولُهُ في هذا الحدِيثِ: "وهُو من الاثنينِ أبعدُ" بمعنى (٢): بعِيدٌ، كما قيل: الله أكبرُ، بمعنى: كبِيرٌ، وهذا في لِسانِ العربِ موجُودٌ كثِيرٌ.


(١) هكذا في الأصل، د ٢: "أبي عمرو"، خطأ، وهو أبو عمر، مولى أسماء بنت أبي بكر الصديق، اسمه: عبد الله بن كيسان. انظر: تهذيب الكمال ٣٤/ ١١٦، وسيكرره المؤلف، مما يدل على أن الخطأ منه.
(٢) في ت: "يعني".

<<  <  ج: ص:  >  >>