للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا اعتِمارُ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قبلَ الحجِّ.

فقد ذكَرْنا فيه حدِيث ابن جُريج، عن عِكرِمةَ بن خالدٍ، عن ابن عُمرَ: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - اعْتَمرَ قبلَ أن يحُجَّ (١). وهُو أمرٌ مشهُورٌ عِندَ جميع أهلِ السِّيرِ والعِلم بالأثرِ، يُغني عن الإسنادِ، وحدِيثُ ابن عُمرَ هذا حدِيثٌ ثابتٌ من جِهَةِ الإسنادِ مُتَّصِلٌ.

وممّا يدُلُّكَ على أنَّهُ اعتمرَ قبلَ الحجِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنَّ عُمرتهُ كانَتْ والمُشرِكُونَ بمكَّةَ يَومئذٍ:

أخبرنا محمدُ بن إبراهيم بن سعِيدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن مُعاويةَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن شُعَيب، قال (٢): أخبَرنا عَمرُو بن عليٍّ، قال: حدَّثنا يحيى بن سعِيدٍ، قال: حدَّثنا إسماعيلُ، يعني ابن أبي خالدٍ، قال: حدَّثنا ابن أبي أوفى، قال: اعتمرَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فطافَ بالبيتِ، ثُمَّ خرجَ بينَ (٣) الصَّفا والمروةِ يطُوفُ، فجَعْلنا نستُرُهُ من أهلِ مكَّةَ، أن يَرْمِيهُ أحدُهُم، أو يُصِيبهُ بشيءٍ.

قال أبو عُمر: ولم يكُن في حَجَّةِ الوداع بمكَّةَ رجُلٌ مُشرِكٌ، وهذا أشهرُ من أن يحتاج إلى الاسْتِشهادِ عليه.

وقدِ اعتمرَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قبلَ حجَّتِهِ عُمَرًا، قيل: ثلاثًا، وقيل: أربعًا. وسَنذكُرُ ذلك، وما جاءَ فيه من الأثرِ، في بابِ هشام بن عُروةَ، ونزِيدُ ذلك بيانًا في بابِ بلاغاتِ مالكٍ، من كِتابِنا هذا إن شاءَ الله.


(١) سلف تخريجه في أوائل هذا الباب.
(٢) في السنن الكبرى ٤/ ٢٣٥ (٤٢٠٦). وأخرجه أحمد في مسنده ٣٢/ ١٥١ (١٩٤٠٧)، وابن خزيمة (٢٧٧٥)، وابن حبان ٩/ ١٥٢ (٣٨٤٣) من طريق يحيى، به. وأخرجه البخاري (١٦٠٠)، والدارمي (١٩٢٢)، وأبو داود (١٩٠٢)، وابن ماجة (٢٩٩٠)، والبيهقي في الكبرى ٥/ ١٠٢، من طريق إسماعيل، به. وانظر: المسند الجامع ٨/ ١٦٢ - ١٦٣ (٥٦٦٣).
(٣) في الأصل، م: "من".

<<  <  ج: ص:  >  >>