للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكَرْنا هذه المسألةَ ووُجُوهها، في بابِ ربِيعةَ، من كِتابِنا هذا.

وأمّا الصِّيامُ عن الميِّتِ، فمُختَلفٌ فيه، فجماعةُ أهلِ العِلم على أنَّهُ لا يصُومُ أحدٌ عن وليِّهِ إذا ماتَ، وعليه صِيامٌ من رمضانَ، ولكِنَّهُ يُطعِمُ عنهُ. قال أكثرُهُم: إن شاءَ. وكذلك جُمهُورُهُم أيضًا، على أنَّهُ لا يصُومُ أحَدٌ عن أحَدٍ، لا في نَذْرٍ، ولا في غيرِ نَذرٍ. ومِمَّن ذهب إلى ذلك: مالكٌ، والشّافِعيُّ، وأبو حنِيفةَ وأصحابُهُ (١)، والثَّورِيُّ (٢).

ومن أهلِ العِلم من رأى أن يصُوم ولِيُّ الميِّتِ عنهُ في النَّذرِ، دُون صِيام رمضانَ، منهُم: إسحاقُ بن راهُوية.

وهُو الصَّحِيحُ عن ابن عبّاسٍ، أنَّهُ قال: ما كانَ من شَهرِ رمضانَ يُطعِمُ عنهُ، وما كان من صَوْم النَّذرِ، فإنَّهُ يُقْضَى عنهُ (٣).

وقد رُوِي عن أحمد بن حنبلٍ مِثلُ قولِ ابن عبّاسٍ سواءٌ (٤).

ومنهُم من رأى أن يصُوم عنهُ في كلِّ صِيام عليه، على عُمُوم ما رُوِي عن ابن عبّاسٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنَّهُ قال: "من ماتَ وعليه صِيامٌ، صامَ عنهُ وليُّهُ" (٥)، منهُم: أحمدُ بن حنبلٍ على اختِلافٍ عنهُ، ولم يُختلَفْ عن أبي ثورٍ في جَوازِ ذلك في الوجهينِ جميعًا.


(١) في ت: "وأصحابهم".
(٢) انظر: مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٤٦، والاستذكار ٣/ ٣٤٠.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٧٦٥١)، والطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٤٦، والبيهقي في الكبرى ٤/ ٢٥٤.
(٤) انظر: مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية ٢/ ١٢١٨ (٦٨٨).
(٥) سلف تخريجه في الحديث الثالث لابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، وهو في الموطأ ١/ ٦٠٥ (١٣٥١)، وانظر تخريجه في موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>