للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشّافِعيُّ (١): يَضَعُ الإمامُ سَهْم رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في كلِّ أمْرٍ ينفعُ الإسلام: من سدِّ ثغرٍ، وكُراع، وسِلاح، وإعطاءِ أهلِ الغَناءِ (٢)، والبلاءِ في الإسلام، والنَّفلِ عِندَ الحربِ.

وأمّا أبو حنِيفةَ (٣)، فقال: سهمُ الرَّسُولِ وسهمُ ذِي القُربى، سَقَطا بمَوتِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. قال: ويُقسَمُ الخُمُسُ على ثلاثةِ أسهُم: لليتامى، والمساكِينِ، وابنِ السَّبِيلِ.

وأمّا مالكٌ، رحِمهُ الله، فقال (٤): يُجعلُ الخُمُسُ في بيتِ المالِ، ويجتهِدُ الإمامُ في قَسْمِهِ. إلّا أنَّهُ لم يُسقِط سهم ذِي القُربى، وقال: يُعطِيهمُ الإمامُ ويجتهِدُ في ذلك.

وأمّا اختِلافُهُم في قَسم الخُمُسِ، فعلى ما أصِفُ لكَ:

قال مالكٌ (٥): قِسمةُ الخُمُسِ، كقِسمةِ الفيءِ، وهُما جميعًا يُجعلانِ في بيتِ المالِ. قال: ويُعطى أقرباء رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - منهُما على ما يَرَى الإمامُ. قال: ويجتهِدُ في ذلك، فإن تكافأ أهلُ البُلدانِ في الحاجةِ، بدأ بالذي المالُ فيهم، وإن كان بَعضُ البُلدانِ أشدَّ حاجةً، نقلَ إليهم أكثر المالِ.

قال ابن القاسم: وكان مالكٌ يَرَى التَّفضِيل في العَطاءِ على قَدرِ الحاجةِ، ولا يُخرَجُ مالٌ من بلدٍ إلى بلدٍ غيرِهِ حتَّى يُعْطَى أهلُ البَلَدِ الذي فيه المالُ ما يُغنِيهِم على وَجْهِ النَّظرِ والاجتِهادِ. قال: ويجُوزُ أن يُجِيز الوالي على وجهِ الدِّينِ أو الأمرِ (٦) يراهُ قدِ استحقَّ به الجائزةَ. قال: والفيءُ حَلالٌ للأغنِياءِ.


(١) الأم ٤/ ١٥٥، والأوسط لابن المنذر ٦/ ٩٦، والإشراف له ٤/ ٨٠، وانظر في الأخيرين ما بعده.
(٢) في م: "العناء". والغَناء، بفتح الغين المعجمة: النفع، والإجزاء، والكفاية. انظر: لسان العرب ١٥/ ١٣٨. والمراد أن من يستحق العطاء، من هو أكثر نفعا للناس. وقد سلف التنبه على ذلك.
(٣) انظر: المبسوط للشيباني ٣/ ١٧.
(٤) انظر: المدونة ١/ ٥١٤.
(٥) المصدر السابق.
(٦) في الأصل، د ٢، م: "الأمر".

<<  <  ج: ص:  >  >>