للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم - راحِلتهُ، واتَّبعهُ النّاسُ، فقالوا: اقسِمْ عَلَينا فَيئَنا. اقسِمْ علينا فيئَنا. حتَّى ألجأُوهُ إلى شَجَرةٍ، فخطفَتْ رِداءَهُ، فقال: "يا أيُّها النّاسُ، رُدُّوا عليَّ رِدائي، فوالله لو أنَّ لكُم بعدَدِ شجرِ تِهامةَ نَعمًا، لقَسَمتُهُ بينكُم، ثُمَّ لا تَلقَوْني (١) جبانًا، ولا بَخِيلًا، ولا كذُوبًا". ثُمَّ مالَ إلى راحِلتِهِ، فأخذَ منها وَبَرةً فوَضَعها بين إصبعيهِ، ثُمَّ قال: "أيُّها النّاسُ، إنَّهُ ليسَ لي من هذا الفَيءِ شيءٌ، ولا هذه، إلّا الخُمُسُ، والخُمُسُ مَردُودٌ عليكُم، فأدُّوُا الخيطَ والمِخيط، فإنَّ الغُلُولَ يكونُ على أهلِهِ يومَ القِيامةِ عارًا وشَنارًا". فقام رجُلٌ ومعهُ كُبَّةُ (٢) شَعْرٍ، فقال: يا رسُولَ الله، أخذتُ هذه لأُصلحَ بها بَرْذعةً لي، فقال: "أمّا ما كان لي ولبني عبدِ المُطَّلِبِ، فهُو لكَ". فقال: أمّا إذ بلغتَ ما أرى، فلا أربَ لي فيها. ونبَذها (٣).

وهذا حدِيثٌ مُتَّصِلٌ جيِّدُ الإسنادِ، وقد أحاطَ بمعاني حدِيثِ مالكٍ وألفاظِهِ، وزاد.

وحدَّثنا سعِيدُ بن نصرٍ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حدَّثنا إسماعيلُ بن إسحاقَ، قال: حدَّثنا ابن أبي أُوَيسٍ، قال: حدَّثني أبي، عن ثَوْرِ بن زيدٍ، عن عِكْرِمةَ، عن ابن عبّاسٍ، أنَّهُ قال: تعلَّقَ ثَوْبُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ حُنَينٍ بشجَرةِ، والنّاسُ مُجتمِعُونَ يَسْألُونهُ المغانِمَ، فحسِبَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُم أمسكُوا برِدائهِ، فغضِبَ وقال: "أرسِلُوا رِدائي، تُرِيدُونَ أن تُبَخِّلُوني، فوالله لو أفاءَ الله عليكُم مِثل شجَرِ تِهامةَ نَعمًا،


(١) في الأصل، م: "تلفونني".
(٢) الكُبَّة، بالضم: هي الجماعة من الناس وغيرهم، والشيء المجتمع من تراب وغيره، وكبة الغزل: ما جمع منه. انظر: لسان العرب ١/ ٦٩٦ - ٦٩٧.
(٣) أخرجه أبو داود (٢٦٩٤) عن موسى بن إسماعيل، به. وأخرجه أحمد في مسنده ١١/ ٣٣٩ (٦٧٢٩)، والنسائي في المجتبى ٦/ ٢٦٢، وفي الكبرى ٦/ ١٧٧ (٦٤٨٢) من طريق حماد بن سلمة، به. وأخرجه ابن زنجوية في الأموال ٤٨٥، والطبراني في الكبير ٥/ ٢٧٠ (٥٣٠٤)، والبيهقي في الكبرى ٦/ ٣٣٦، من طريق ابن إسحاق، به. وانظر: المسند الجامع ١١/ ٢٥٩ - ٢٦٠ (٨٦٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>