للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك البرُّ، والزَّبِيبُ، وكلُّ طعام مَكِيلٍ من قُطنِيّةٍ (١) أو غيرِها، لا يجُوزُ شيءٌ من ذلك كلِّهِ بشيءٍ من جِنْسِهِ، إلّا مِثلًا بمِثلٍ.

وقد تقدَّم في مَواضِعَ من كِتابِنا هذا أصُولُ الرِّبا في المأكُولاتِ، والمشرُوباتِ، والمكِيلاتِ، والموزُوناتِ، وكيف يَجرِي الرِّبا منها في الجِنْسِ الواحِدِ وغيرِهِ، وما للعُلماءِ في ذلك كلِّهِ من الاعْتِلالِ والمذاهِبِ، وما جَعلهُ كلُّ واحِدٍ مِنْهُم أصلًا في هذا البابِ، فلا معنَى لإعادَةِ ذلك هاهُنا.

وأمّا الجَنِيبُ من التَّمرِ، فقيلَ: هُو الجِنسُ الواحِدُ غَيرُ المُختلِطِ، والجَمعُ: المُختلِطُ. وقيل: الجنِيبُ: المُتخيَّرُ الذي قد أُخرِجَ عنهُ حشفُهُ (٢) وردِيئُهُ.

وبيعُ التَّمرِ الجمع بالدَّراهِم، وشِراءُ الجَنِيبِ بها من رَجُلٍ واحِدٍ، يَدْخُلُهُ ما يدخُلُ الصَّرفَ في بيع الذَّهبِ بدراهِم، والشِّراءِ بتِلكَ الدَّراهِم ذهبًا من رجُلٍ واحِدٍ، في وَقْتٍ واحِدٍ، والمُراعاةُ في ذلك كلِّهِ واحِدةٌ، فمالكٌ يكرهُ ذلك على أصلِهِ، وكلُّ من قال بالذَّرائع كذلك، وغيرُهُ يُراعِي السَّلامةَ في ذلك، ولا يفسخُ بيعًا قدِ انعقدَ إلّا بيقِينٍ وقَصْدٍ، وباللَّه التَّوفِيقُ.

وأمّا سُكُوتُ من سكتَ من المُحدِّثِين في هذا (٣) الحدِيثِ عن ذِكرِ فَسْخ البيع، الذي باعهُ العامِلُ على خيبرَ، فلأنَّهُ معرُوفٌ في الأُصُولِ، أنَّ ما وردَ التَّحرِيمُ به، لم يجُزِ العقدُ عليه، ولا بُدَّ من فَسْخِهِ، وقد جاءَ الفَسْخُ فيه منصُوصًا في هذا الحدِيثِ.


(١) القطنية: حبوب الأرض التي تُدخر، كالحمص والعدس والباقلاء والترمس والأرز والجلبان، سميت بذلك لأن مخارجها من الأرض، مثل مخارج الثياب القطنية. ويقال: لأنها تزرع في الصيف، وتدرك في آخر وقت الحر. انظر: تاج العروس ٣٦/ ٦.
(٢) الحشف من التمر: أردؤه، وهو الذي يجف ويصلب ويتقبض قبل نُضجه، فلا يكون له نوى، ولا لحاء، ولا حلاوة، ولا لحم. انظر: المعجم الوسيط، ص ١٧٦.
(٣) هذا الحرف سقط من الأصل، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>