للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكِنَّهُ تقرِيعٌ وإخبارٌ وتَوْبِيخٌ، يقولُ: منِ استحلَّ بيعَ الخمرِ، وقد نهاهُ اللَّه عن بيعِها، فمن شأنِهِ، ومن نَظيرِ أفعالِهِ، ألّا يَرعَ (١) عن شَقْصِ الخنازِيرِ.

ومن هذا الباب قولُ عُمر: من وجدَ سَعَةً واستطاع سبِيلًا إلى الحجِّ ولم يحُجَّ، فلْيمُتْ يُهودِيًّا، أَو نصرانِيًّا (٢).

ومن ذلك قولُ أبي هريرةَ: من وجدَ سَعَةً ولم يُضَحِّ (٣)، فلا يقرَبْ مُصلّانا (٤).

ومن معنى حدِيثِ هذا البابِ أخَذَ القائلُ قولَهُ (٥):

إذا لم تخش عاقِبةَ اللَّيالِي ... ولم تَسْتَحي فاصنَعْ ما تشاءُ

فلا واللَّه ما في العَيْشِ خيرٌ ... ولا الدُّنيا إذا ذهَبَ الحياءُ

وقال أبو دُلف العِجلِيُّ (٦):

إذا لم تَصُن عِرضًا ولم تخش خالِقًا ... وتَسْتَحي مخلُوقًا فما شِئت فاصنعِ

وقد قيلَ: إنَّ معنى هذا الحدِيثِ، افعَلْ ما شِئتَ ممّا لا تَسْتَحيي من فِعلِهِ.

أي: ما حلَّ لكَ وأُبِيحَ فِعلُهُ، فلا تَسْتَحي منهُ، ولا عليكَ أن (٧) تفعلهُ، إذ لا تَسْتَحيي من فِعلِهِ.

وهذا تأوِيلٌ ضعِيفٌ، والأوَّلُ هُو المعرُوفُ عِندَ العُلماءِ، والمشهُورُ مخرجُهُ عِندَ العربِ والفُصحاءِ.


(١) في م: "يرعوي"، والمثبت من النسخ، يرع، بكسر الراء، يتحرج. كما في (ورع) من لسان العرب وغيره.
(٢) أخرجه البيهقي في الكبرى ٤/ ٣٣٤.
(٣) في م: "يحج"، وهو تحريف.
(٤) أخرجه البيهقي في الكبرى ٩/ ٢٦٠.
(٥) القائل هو أبو تمام، انظر: ديوانه ٤/ ٢٩٧.
(٦) انظر: بهجة المجالس ١/ ٥٩١.
(٧) في د ٢: "ألّا".

<<  <  ج: ص:  >  >>