للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شِئتَ من أصحابِنا: أنَّ رجُلًا أودَعَ محمد بن المُنكدِرِ خمس مئةِ دِينارٍ، فاستنفقها محمدُ بن المُنكدِرِ، فقَدِم الرَّجُلُ، فجعلَ محمدُ بن المُنكدِرِ يدعُو ويقولُ: اللهمَّ إنَّكَ تعلمُ أنَّ فُلانًا أوْدَعني خمس مئةِ دِينارٍ، واستنفقتُها، وقد قدِمَ وليسَتْ عِندِي، اللهمَّ فاقْضِها عنِّي ولا تَفْضحني، فسمِعَ عامر دُعاءَهُ، فانصرَفَ إلى مَنْزِلِهِ، فصرَّ خمس مئةِ دِينارٍ، ثُمَّ جاءَ بها فوضَعَها بين يدي محمدِ بن المُنكدِرِ، ومحمدٌ مشغُولٌ بالصَّلاةِ والدُّعاءِ لا يشعُرُ، فانصرَفَ محمدٌ من صلاتِهِ، فرآها بين يديهِ، فأخذها، وحمِدَ اللَّه، قال عامر: فخشِيتُ أن يُفتتنَ، فذكرتُ لهُ أنِّي وضعتُها، وأخبَرتُهُ بما خِفتُ عليه من الفِتنةِ.

قال: وبلغَ عبد اللَّه بن الزُّبيرِ: أنَّ ابنهُ عامرًا يصحبُ أقوامًا يُصعقُونَ (١)، فقال لهُ: إن بَلَغني بعدُ أنَّك تُجالِسُهُم، أوجعتُكَ ضربًا.

قال عبدُ اللَّه بن أحمد بن حنبل (٢): سمِعتُ أبي يقولُ: عامرُ بن عبدِ اللَّه بن الزُّبيرِ ثِقةٌ، من أوثقِ النّاسِ.

وذكرَ العقِيليُّ، قال: أخبَرنا أحمدُ بن محمدٍ الشّافِعيُّ، قال: حدَّثنا عمِّي، قال: سمِعتُ جدِّي محمد بن عليٍّ يقولُ: ما رأيتُ أحدًا أعبدَ من عامرِ بن عبدِ اللَّه بن الزُّبيرِ. قال: وكان أكثرُ كلامِهِ: أستغفِرُ اللَّه الذي لا إله إلّا هُو الحيَّ القيُّومَ، وأتُوبُ إليه (٣).

وقال مُصعبٌ، عن مالكِ بن أنسٍ: كان عامرُ بن عبدِ اللَّه بن الزُّبيرِ يُواصِلُ الصِّيام ثلاثةَ أيّام، فكُنتُ آتِيهِ آخر يوم من صِيامِهِ أسألُهُ، عن حالِهِ بعدَ العصرِ، فيُشِيرُ بيدِهِ يرُدُّ السَّلام، وكان يُرسِلُني إليه ربِيعةُ (٤).


(١) في د ٢: "أقوامًا يضعفون"، والمثبت من الأصل وغيره، وصعق الإنسان صَعْقًا وصَعَقًا فهو صَعيقٌ: غُشِي عليه وذهب عقله (كما في "صعق" من اللسان)، فلعل هذا هو المقصود، واللَّه أعلم.
(٢) العلل (٣٢٦٨).
(٣) لعله في تاريخه الكبير الذي لم يصل إلينا.
(٤) جمهرة نسب قريش، ص ٢٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>