للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أجمَعَ العُلماءُ أنَّ العملَ الخفِيفَ في الصَّلاةِ لا يُفسِدُها، مِثل حكِّ المرءِ جسدهُ حكًّا خفِيفًا، وأخذِ البُرغُوثِ وطَرْحِهِ (١) لهُ عن نَفسِهِ، والإشارةِ، والالتِفاتِ الخفِيفِ، والمشي الخفِيفِ إلى الفُرَج، ودفع المارِّ بين يَدَيهِ، وقتلِ العَقْربِ، وما يُخافُ أذاهُ بالضَّربةِ الواحِدةِ، ونحوِها ممّا يخِفُّ، والتَّصفِيقِ للنِّساءِ، ونحوِ هذا كلِّهِ، ما لم يكُن عَملًا مُتتابِعًا.

وأجمعُوا أنَّ العملَ الكثِير في الصَّلاةِ يُفسِدُها، وأنَّ قليلَ الأكلِ والشُّربِ والكلام عمدًا فيها، لغيرِ صلاحِها يُفسِدُها، وهذه أُصُولُ هذا البابِ، فاضبُطها، وردَّ فُروعها (٢) إليها، تُصِب وتَفقهْ إن شاءَ اللَّه.

وأمّا حدِيثُ هذا البابِ، فقد ذكرَ فيه محمدُ بن إسحاقَ: أنَّهُ كانَ في صلاةِ الفَرِيضةِ (٣). فمن قبِلَ زِيادتهُ وتفسِيرهُ، جعل حدِيثهُ هذا أصلًا في جَوازِ العَملِ في الصَّلاةِ، ولعمرِي، لقد عوَّلَ عليه المُصنِّفُون للحدِيثِ في هذا البابِ، إلّا أنَّ الفُقهاءَ على ما وصَفْتُ لكَ.

وروى ابن عُيينةَ، عن عُثمان بن أبي سُليمانَ وابنِ عَجْلانَ، سَمِعا عامر بن عبدِ اللَّه بن الزُّبيرِ يُحدِّثُ، عن عَمرِو بن سُلَيم الزُّرقيِّ، عن أبي قَتادةَ الأنصارِيِّ قال: رأيتُ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يؤُمُّ النّاس، وأُمامةُ بنتُ أبي العاص، وهي بنتُ زينب بنتِ رسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على عاتِقِهِ، فإذا ركَعَ وضَعَها، وإذا رفَعَ من السُّجُودِ، أعادَها. ذكر مسلِمُ بن الحجّاج (٤)، عن ابن أبي عُمر العَدَنيِّ (٥)، عن سُفيان بن عُيينةَ.


(١) في الأصل، م: "وطرده".
(٢) في د ٢، ت: "فروعه".
(٣) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه.
(٤) في صحيحه (٥٤٣) (٤٢).
(٥) في م: "المقري"، خطأ. وهو محمد بن يحيى بن أبى عمر العدني، أبو عبد اللَّه، نزيل مكة. وانظر: تهذيب الكمال ٢٦/ ٦٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>