للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليسَ ذلك بواجِبِ عِندَ أحدٍ، على ما قال مالكٌ رحِمهُ اللَّه، إلّا أهلُ الظّاهِرِ، فإنَّهُم يُوجِبُونَها (١)، والفُقهاءُ بأجمعِهِم لا يُوجِبُونَها، فإذا دخلَ المسجِد أحدٌ بعدَ العصرِ، أو بعدَ الصُّبح، فلا يَرْكعْ للنَّهي الوارِدِ عن الصَّلاةِ بعد العَصْرِ، حتّى تَغرُبَ الشَّمسُ، وبعدَ الصُّبح حتّى تَطْلع الشَّمسُ.

وقد قدَّمنا ذِكرَ مذاهِبِ العُلماءِ وأُصُولِهِم في الصَّلاةِ بعدَ الصُّبح، وبعدَ العَصْرِ، بما فيه كِفايةٌ وبيانٌ، في بابِ محمدِ بن يحيى بن حَبّان.

واختلَفَ الفُقهاءُ في الذي يركَعُ رَكْعتيِ الفجرِ في بيتِهِ، ثُمَّ يأتي المسجِدَ، هل يَرْكعُ فيه أم لا (٢)؟

فقال أبو حنِيفةَ واللَّيثُ والأوزاعِيُّ: إذا صلَّى رَكْعتيِ الفجرِ في بيتِهِ، ثُمَّ أتى المسجِد، ولم تُقم الصَّلاةُ، أنَّهُ لا يَرْكعُ لدُخُولِ المسجِدِ، ويجلِسُ.

ورَوَى أشهبُ، عن مالكٍ، أنَّهُ قال: يركعُ أحبُّ إليَّ. وروى عنهُ ابن القاسم، أنَّهُ قال: أحبُّ إليَّ أن لا يَفْعل.

ولا أحفظُ فيه عن الشّافِعيِّ شيئًا.

وحُجَّةُ من كرِهِ لهُ الرُّكُوع (٣)، ما رُوِي عن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّهُ قال: "لا صَلاةَ بعدَ الفَجْرِ، إلّا رَكْعتيِ الفَجْرِ".

وروى عبدُ الرَّزّاقِ (٤) وغيرُهُ عن الثَّورِيِّ، عن عبدِ الرَّحمنِ بن حرملةَ، عن سعِيدِ بن المُسيِّبِ، قال: قال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا صلاةَ بعد النِّداءِ إلّا ركعتيِ الفجرِ"، وهذا مُرسلٌ.


(١) في الأصل، م، في الموضعين: "يوجبونهما"، والمقصود: الصلاة، والمثبت من د ٢.
(٢) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٢٥٣، والمؤلف ينقل منه.
(٣) في ت: "التطوع".
(٤) في المصنَّف (٤٧٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>