للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمّا الشّافِعيُّ، فقال: الفرضُ مَسْحُ بعضِ الرَّأسِ (١). ولم يُحدَّ. وهُو قولُ الطَّبرِيِّ. وقد رُوِي عنهُما: إنْ مَسَحَ ثُلُثَ الرَّأسِ فصاعدًا، أجزأ.

قال الشّافِعيُّ (٢): احتمل قولُ اللَّه عزَّ وجلَّ: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: ٦] مسحَ بعضِ الرَّأسِ، ومسح جميعِهِ، فدلَّتِ السُّنَّةُ أنَّ مسحَ بعضِهِ يُجزِئُ.

وقال في موضِع آخرَ: فإن قيلَ: قد قال اللَّه عزَّ وجلَّ في التَّيمُّم: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ} [النساء: ٤٣] أيُجزِئُ بعضُ الوَجْهِ في التَّيمُّم؟ قيل لهُ: مسحُ الوَجْهِ في التَّيمُّم بدلٌ من عُمُوم غَسْلِهِ، فلا بُدَّ من أن يأتي بالمسح على جميع مَوْضِع الغسلِ منهُ، ومسحُ الرَّأسِ أصلٌ، فهذا فرقُ ما بينهُما، وعفا اللَّه عزَّ وجلَّ في التَّيمُّم عن الرَّأسِ والرِّجلينِ، ولم يعفُ عن الوَجْهِ واليدينِ، فلا بُدَّ من الإتيانِ بذلك على كمالِهِ وأصلِهِ.

وقال أبو حنِيفةَ وأصحابُهُ (٣): إن مسَحَ المُتوضِّئُ رُبُع رأسِهِ أجزأ، ويبدأُ بمُقدَّم رأسِهِ إلى مُؤَخَّرِهِ.

واختلَفَ أصحابُ داودَ، فقال بعضُهُم: مسحُ الرَّأسِ كلِّهِ واجِبٌ فرضًا. كقولِ مالكٍ. وقال بعضُهُمُ: المسحُ ليسَ شأنُهُ في اللِّسانِ الاستِيعاب، والبعضُ يُجزِئُ.

وقال الثَّورِيُّ والأوزاعِيُّ واللّيثُ: يُجزِئُ مسحُ بعضِ (٤) الرَّأسِ، ويمسحُ المُقدَّمُ. وهُو قولُ أحمد.

وقد قدَّمنا عن جميعِهِم: أنَّ مسح جميع الرَّأسِ أحبُّ إليهم.


(١) انظر: الأم ١/ ٤١.
(٢) المصدر السابق.
(٣) مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ١٣٦.
(٤) كلمة "بعض" لم ترد في م.

<<  <  ج: ص:  >  >>