للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكَر الحسنُ الحُلْوانيُّ، قال: حدَّثنا عبدُ اللَّه بنُ صالح، قال: حدَّثني الليثُ، عن يحيى بنِ سعيد، قال: ما أعلمُ الورعَ اليومَ إلّا في أهلِ المدينةِ وأهلِ مصر (١).

قال أبو عُمر: لقد أحسنَ القائلُ (٢):

أقولُ لِمَنْ يَرْوي الحديثَ ويكتُبُ ... ويَسْلُكُ سُبْلَ الفقهِ فيه ويَطْلُبُ

إنَّ احْبَبْتَ أنْ تُدعَى لدى الخلقِ (٣) عالمًا ... فلا تَعْدُ ما تَحْوي من العلمِ يَثْرِبُ

أتتْرُكُ دارًا كان بين بيوتِها ... يروحُ ويَغْدُو جِبرَئيلُ المُقرَّبُ

ومات رسولُ اللَّه فيها وبعدَهُ ... بسُنَّتِه أصحابُه قد تأدَّبوا

وفُرِّق شملُ العلم في تابِعيهِمُ ... وكلُّ امرئ منهم له فيه مذهبُ

فخَلَّصه بالسَّبكِ للناسِ مالكٌ ... ومنه صحيحٌ في المَجسِّ وأجرَبُ

فأبْرا بتصحيحِ الرِّوايةِ داءَه ... وتصحيحُها فيه دواءٌ مجرَّبُ

ولو لم يَلُحْ نورُ المُوطّا لمَن سَرَى ... بليلٍ عَمَاه ما دَرى أين يذهبُ

أيا طالبًا للعلمِ إنْ كنتَ تطلُبُ ... حقيقةَ علمِ الدِّينِ مَحْضًا وتَرْغَبُ (٤)

فبادرْ موطَّا مالكٍ قبلَ فَوْتِه ... فما بعدَهُ إن فات للحقِّ مطلَبُ


(١) أخرجه الفسوي في المعرفة والتاريخ ١/ ٤٨٤ من طريق عبد اللَّه بن صالح، به.
(٢) وقائلها هو سعدون الورجيني، من شعراء إفريقية، كان يمدح بني الأغلب ويلي أعمالهم (ترجمته مختصرة تجدها عند القاضي النعمان الإسماعيلي افتتاح الدعوة (٣٠٠)).
والأبيات في ترتيب المدارك للقاضي عياض ٢/ ٧٧، وكشف المُغطّى في فضل الموطا لأبي القاسم ابن عساكر ١/ ٤٤، والديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب لابن فرحون ١/ ١٢١، والحطّة في ذكر الصحاح الستة للقنّوجي ١/ ١٦٠.
(٣) في ق، ف ١: "الحقّ"، خطأ بيّن، والمثبت من المدارك وغيره.
(٤) هذا البيت لم يرد في ق.

<<  <  ج: ص:  >  >>