للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمعنى الآخرُ: وُجُوبُ الزَّكاةِ في هذا المِقدارِ فما فوقهُ.

والوَسَقُ سِتُّونَ صاعًا بإجماع من العُلماءِ بصاع النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، والصّاعُ أربعةُ أمدادٍ بمُدِّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومُدُّهُ زِنتُهُ رِطلٌ وثُلُثٌ وزِيادةُ شيءٍ.

هذا قولُ عامَّةِ العُلماءِ بالحِجازِ والعِراقِ، فهي ألفُ مُدٍّ، ومئتا مُدٍّ، وهي بالكيلِ القُرْطُبِيِّ عِندَنا بالأندلُسِ خمسةٌ وعِشرُونَ قفِيزًا، على حِسابِ كلِّ قَفِيزٍ ثمانِيةٌ وأربعُونَ مُدًّا، وإن كان القَفِيزُ اثنينِ وأربعينَ مُدًّا، كما زعمَ جماعةٌ من الشُّيُوخ عِندَنا، فهي ثمانِيةٌ وعِشرُونَ قفِيزًا ونِصفُ قفِيزٍ، أو أربعةُ أسباع قَفِيزٍ، ووزنُ جميعِها ثلاثةٌ وخمسُونَ رُبعًا وثُلُثُ رُبع (١)، كلُّ رُبع منها من ثلاثِينَ رِطلًا.

فهذا هُو المِقدارُ الذي لا تجِبُ الزَّكاةُ فيما دُونهُ، وتجِبُ فيه وفِيما فوقهُ كيلًا؛ لأنَّ الحدِيثَ إنَّما نبَّه على الكيلِ، وهذا إجماعٌ من العُلماءِ، أنَّ الزَّكاةَ لا تجِبُ فيما دُونَ خمسةِ أوسُقٍ، إلّا أبا حنِيفةَ (٢)، وزُفَر، ورِوايةً عن بعضِ التّابِعِين، فإنَّهُم قالوا: الزَّكاةُ في كلِّ ما أخرجتهُ الأرضُ، من قليلِ ذلك وكثِيرِهِ، إلّا الطَّرفاءَ (٣)، والقَضْب (٤) الفارِسِيَّ، والحَشِيش، والحَطَب.

وخالفهُ أصحابُهُ، فصارُوا إلى ما عليه جماعةُ العُلماءِ من الصَّحابةِ والتّابِعِين، وفُقهاءِ المُسلِمِين بالحِجازِ، والعِراقِ، والشّام، ومصرَ، في اعتِبارِ الخمسةِ الأوسُقِ المذكُورةِ في هذا الحدِيثِ.


(١) الربع: أكثر من الصاع بأكثر من الثلث بكثير. انظر: الإيضاح والتبيان في معرفة المكيال والميزان ابن الرفعة، ص ٧٣.
(٢) انظر: الهداية للمرغيناني ١/ ١٠٧.
(٣) الطرفاء: شجر، وهي أربعة أصناف، منها الأثل. وقال أبو حنيفة: الطرفاء من العضاه، وهدبه مثل هدب الأثل، وليس له خشب، وإنما يخرج عصيا سمحة في السماء. انظر: تاج العروس ٢٤/ ٧٢.
(٤) القَضْب: هو النبت الذي يقطع فيؤكل طريًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>