للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمّا الخُضَرُ والفَواكِهُ، فجُمهُورُ أهلِ العِلم على أنْ لا زكاةَ فيها، وسأذكُرُ ذلك في بابِ الثِّقةِ عِندَ مالكٍ، عن سُليمان بن يسارٍ وبُسرِ بن سعِيدٍ من هذا الكِتابِ، عِند ذِكرِ قولِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فيما سَقَتِ السَّماءُ، والعُيُونُ، والبَعْلُ العُشرُ، وما سُقِي بالنَّضح نِصفُ العُشرِ" (١). ونُبيِّنُ المعنى في ذلك هُنالِك إن شاءَ اللَّه.

قال أبو عُمر: أمّا زكاةُ الزَّرع، والثِّمارِ، والحُبُوبِ، فيجِبُ أداؤُها في حِينِ الحَصادِ والجِدادِ، بعدَ الدَّرسِ، والذَّرِّ.

ويُعتَبرُ وُجُوبُ ذلك فيمَنْ مات عن زرعِهِ، أو باعهُ، أو عن نَخلِهِ بالإزهاءِ (٢)، وبُدُوِّ الصَّلاخ في الثَّمرِ (٣)، وبالاسْتِحصادِ، واليُبسِ، والاسْتِغناءِ عنِ الماءِ في الزَّرع. وهذا إجماعٌ من العُلماءِ، لا خِلافَ فيه إلّا شُذُوذٌ.

وأمّا زكاةُ الإبِلِ والبَقرِ والغنم، فتجِبُ أيضًا بتمام استِكمالِ الحَوْلِ والنِّصابِ. وعلى هذا جماعةُ العُلماءِ، إلّا ما رُوِي عن مالكٍ (٤)، أنَّهُ قال: إنَّما تجِبُ بمُرُورِ السّاعِي، مع تمام الحَوْلِ.

وهذا معناهُ عِندَ أهلِ الفَهم، أنَّ السّاعِيَ كان لا يخرُجُ إلّا بعدَ تمام مُرُورِ الحولِ، فكان عَلامةً لاستِكمالِ الحَوْلِ.

وأمّا الذَّهبُ والورِقُ، فلا تجِبُ الزَّكاةُ في شيءٍ منها، إلّا بعدَ تمام الحولِ أيضًا. وعلى هذا جُمهُورُ العُلماءِ، والخِلافُ فيه شُذُوذٌ. لا أعلمُهُ إلّا شيئًا رُوِي عنِ ابن عبّاسٍ، ومُعاويةَ، أنَّهُما قالا: من ملكَ النِّصاب من الذَّهبِ والورِقِ، وجبَتْ عليه الزَّكاةُ (٥).


(١) أخرجه في الموطأ ١/ ٣٦٣ (٧٢٤).
(٢) الزهو: إذا ظهرت فيه الحُمرة والصفرة. انظر: مختار الصحاح، ص ٢٥١.
(٣) في الأصل، ت: "التمر"، خطأ.
(٤) انظر: المدونة ١/ ٣٦٤.
(٥) انظر: الموطأ ١/ ٣٣٦ (٦٥٨). ومصنَّف عبد الرزاق (٧٠٢٧)، والأموال لأبي عبيد (١١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>