للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمّا قولُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا ضرَرَ ولا ضِرارَ". فقيلَ: إنَّهُما لَفْظتانِ بمعنًى واحِدٍ، تكلَّمَ بهما جميعًا على وجهِ التَّأكِيدِ.

وقال ابن حبِيبٍ (١): الضَّررُ عِندَ أهلِ العربِيَّةِ: الاسمُ، والضِّرارُ: الفِعلُ. قال: ومعنى "لا ضَررَ": لا يُدخلُ على أحدٍ (٢) ضَررٌ لم يُدخِلهُ على نفسِهِ. ومعنى "لا ضِرارَ": لا يُضارَّ أحدٌ بأحدٍ. هذا ما حَكَى ابن حبِيبٍ.

وقال الخُشنِيُّ: الضَّررُ الذي لكَ فيه مَنْفعةٌ، وعلى جارِكَ فيه مَضرَّةٌ. والضِّرارُ: الذي ليسَ لكَ فيه منفعةٌ، وعلى جارِكَ فيه المضرَّةُ. وهذا وجهٌ حسنُ المعنى في الحدِيثِ، واللَّه أعلمُ.

أخبَرنا عبدُ اللَّه بن محمدِ بن يُوسُف، قال: حدَّثنا أحمدُ بن محمدِ بن إسماعيلَ بن الفرج، قال: حدَّثنا أبي، قال: حدَّثنا أبو عليٍّ الحسنُ بن سُليمان قُبَّيْطَةُ، قال: حدَّثنا عبدُ الملكِ بن مُعاذٍ النَّصِيبِيُّ، قال: حدَّثنا عبدُ العزيزِ بن محمدٍ الدَّراوردِيُّ، عن عَمرِو بن يحيى بن عُمارةَ، عن أبيهِ، عن أبي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ، قال: قال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا ضَررَ ولا ضِرارَ، من ضارَّ، ضَرَّ اللَّه به، ومن شاقَّ، شقَّ (٣) اللَّه عليه" (٤).

وقال غيرُهُ: الضَّررُ والضِّرارُ، مِثلُ القَتْلِ والقِتالِ، فالضَّررُ: أن تضُرَّ بمن لا يضُرُّك، والضِّرارُ أن تَضُرَّ من (٥) قد أضرَّ بكَ من غيرِ جِهةِ الاعتِداءِ بالمِثلِ


(١) تفسير غريب الموطأ ٢/ ٢٥.
(٢) كذا في النسخ، وزاد هنا في تفسير غريب الموطأ: "من أحد". وهو أصوب.
(٣) في د ٢، ت: "شاق".
(٤) أخرجه الدارقطني في سننه ٤/ ٥١ (٣٠٧٩)، والحاكم في المستدرك ٢/ ٥٧ - ٥٨، والبيهقي في الكبرى ٦/ ٦٩، من طريق الدراوردي، به.
(٥) في د ٢، ت: "بمن".

<<  <  ج: ص:  >  >>