للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمِل كتابًا بالمدينةِ على معنى "الموطَّأ"، من ذكْرِ ما اجتمع عليه أهلُ المدينة؛ عبدُ العزيزِ بنُ عبدِ الله بنِ أبي سلَمَةَ الماجِشُونُ، وعَمِل ذلك كلامًا بغيرِ حديث.

قال القاضي: ورأيتُ أنا بعضَ ذلك الكتاب، وسَمِعتُه ممَّنْ حدَّثني به، وفي "موطَّأ ابنِ وهب" منه عن عبدِ العزيزِ غيرُ شيء.

قال: فأُتي به مالكٌ، فنظَر فيه، فقال: ما أحسنَ ما عَمِل، ولو كنتُ أنا الذي عَمِلْتُ، لبَدأْتُ بالآثار، ثم شددْتُ ذلك بالكلام. قال: ثم إنَّ مالكًا عزَم على تَصْنيف "الموطّأ"، فصَنَّفَه، فعَمِل مَن كان بالمدينةِ يومئذٍ من العُلماء "الموطَآت"، فقيل لمالك: شغَلْتَ نفسَكَ بعملِ هذا الكتاب، وقد شَرِكَك فيه الناسُ، وعمِلوا أمثالَه. فقال: ائْتُوني بما عمِلوا، فأتِيَ بذلك، فنظَر فيه، ثم نبَذه، وقال: لتعْلَمُنَّ أنّه لا يَرتَفِعُ من هذا إلّا ما أُرِيدَ به وجهُ الله. قال: فكانما ألقِيتْ تلك الكُتبُ في الآبار، وما سُمِع لشيءٍ منها بعدَ ذلك بذكْر (١).

حدَّثني أبو القاسم أحمدُ بنُ فتح بنِ عبدِ الله، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ الحسنِ الرَّازيُّ بمصرَ، قال: حدَّثنا رَوْحُ بنُ الفرج، قال: حدَّثنا أبو عَدِيٍّ محمدُ بنُ عديٍّ بن أبي بكر الزُّهريُّ، قال: رأيْتُ مالكَ بنَ أنسِ بنِ أبي عامرٍ الأصْبَحيَّ لم يكُن يَخْضِبُ، ومات أبيضَ الرأسِ واللِّحية، وشَهِدْتُ جِنازتَه.

قال أبو عُمر: أبو عَدِيٍّ هذا هو محمدُ بنُ عَدِيِّ بنِ أبي بكر بنِ إبراهيمَ بنِ سعدِ بنِ أبي وقّاصٍ الزُّهريُّ، لا أعلمُ له روايةً عن مالك، وهو يروِي عن عبدِ الله بنِ نافع وغيرِه من أصحابِ مالك.

ووُلِد مالكُ بنُ أنسٍ رضي اللهُ عنه سنةَ ثلاثٍ وتسعين فيما ذكَره ابنُ بُكَير (٢).


(١) ذكره القاضي عياض في ترتيب المدارك ٢/ ٧٥ - ٧٦، والقاسم بن يوسف التُّجيبيّ في برنامجه ص ٦٢.
(٢) أخرجه الجوهري في مسند الموطأ ١١٦ (١٠٠) عن يحيى بن بكير.

<<  <  ج: ص:  >  >>