وحدَّثنا عبدُ الوارِثِ، قال: حدَّثنا قاسمٌ، قال: حدَّثنا محمدُ بن عبدِ السَّلام، قال: حدَّثنا محمدُ بن يحيى العَدَنِيُّ، قال: حدَّثنا سُفيانُ، عن العَلاءِ بن عبدِ الرَّحمنِ، عن أبيهِ، أنَّهُ سمِعَ أبا هريرةَ يقولُ: قال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قال اللَّه: قَسَمتُ الصَّلاةَ بَيْني وبينَ عَبْدِي". فذكرَ نحو حدِيثِ مالكٍ، بمعناهُ سواءً.
ولا أعلمُ لهذا الحدِيثِ في "المُوطَّأ" ولا في غيرِهِ إسنادًا غير هذا.
ورُوِي عن محمدِ بن خالدِ بن عَثمةَ وزِيادِ بن يُونُس، جميعًا عن مالكٍ، عن الزُّهرِيِّ، عن محمُودِ بن الرَّبِيع، عن عُبادةَ بن الصّامِتِ، قال: قال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، في حدِيثِ ابن عَثمةَ:"كلُّ صَلاةٍ لا يُقرأُ فيها بأُمِّ القُرآنِ، فهي خِداجٌ"(١). وفي حدِيثِ زِيادِ بن يُونُس:"من لم يَقْرأ بفاتحةِ الكِتابِ، فصلاتُهُ خِداجٌ".
وهذا غرِيبٌ من حدِيثِ مالك، ومحفُوظٌ من حدِيثِ الزُّهرِيِّ، من رِوايةِ ابن عُيَينةَ، وجماعةٍ عنهُ، إلّا أنَّ لفظ أكثرِهِم في حدِيثِ عُبادةَ بن الصّامِتِ:"لا صَلاةَ لمن لم يَقْرأ بفاتحةِ الكِتابِ". هكذا.
قال أبو عُمر: أمّا قولُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من صلَّى صَلاةً لم يَقْرأ فيها بأُمِّ القُرآنِ، فهي خِداجٌ". فإنَّ هذا يُوجِبُ قِراءةَ فاتحةِ الكِتابِ في كلِّ صلاةٍ، وأنَّ الصَّلاةَ إذا لم يُقرأ فيها بفاتحةِ الكِتابِ، فهي خِداجٌ.
والخِداجُ: النَّقصُ والفسادُ، من ذلك قولُهُم: أخْدَجتِ النّاقةُ، وخدَّجت، إذا ولدت قبلَ تمام وَقْتِها، وقبلَ تمام الخلقِ. وذلك نِتاجٌ فاسِدٌ.
وأمّا نحوِيُّو أهلِ البصرةِ فيقولُونَ: إنَّ هذا اسمٌ خرَجَ على المصدرِ، يقولُون: أخْدَجتِ النّاقةُ ولَدَها ناقِصًا للوَقتِ، فهي مُخدِجٌ، والولدُ مُخدَجٌ، والمصدرُ الإخداجُ، وأمّا خَدَجت: فرَمَت بوَلدِها قبلَ الوَقتِ ناقِصًا، أو غير ناقِصٍ، فهي خادِجٌ، والولدُ
(١) أخرجه البيهقي في جزء القراءة خلف الإمام (٢٥) من طريق ابن عثمة عن مالك، به.