للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والذي يجِيءُ على أُصُولِهِم، إن لم يثبُت عنهُم نصٌّ في ذلك، ما قالهُ المُزنيُّ، وإسحاقُ، وداودُ.

ورُوِي عن ابن عُمرَ، أنَّهُ قال: ما أدركتَ فاجعلهُ آخِر صلاتِكَ (١). وعن مُجاهِدٍ، وابنِ سِيرِين مِثلُ ذلك (٢).

وذكر ابن المُنذِرِ (٣) أنَّ مالكًا، والثَّورِيَّ، والشّافِعيَّ، وأحمد بهذا يقولُون.

قال أبو عُمر: أظنُّ ذلك من أجلِ قولِهِم في القِراءةِ وفي القضاءِ، واللَّهُ أعلمُ.

واحتجَّ القائلُونَ بأنَّ ما أدركَ هُو أوَّلُ صلاتِهِ، بقولِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وما أدركتُم فصَلُّوا، وما فاتكُم فأتِمُّوا". قالوا: والتَّمامُ هُو الآخِرُ.

واحتجَّ الآخرُون بقولِهِ: "وما فاتكُم فاقْضُوا". قالوا: والذي يقضِيهِ هُو الفائتُ.

والحُججُ مُتساوِيةٌ لكِلا المذهبينِ من جِهَةِ الأثرِ والنَّظرِ، إلّا أنَّ رِوايةَ من روى: "فأتِمُّوا" أكثرُ.

وأمّا من جعلَ ما أدركَ مع الإمام أوَّل صلاتِهِ، فليسَ يطَّرِدُ فيه، ويستقِيمُ، إلّا ما قالهُ ابن أبي سلمةَ، والمُزنِيُّ، وإسحاقُ، وداودُ، واللَّه أعلمُ، وبه التَّوفِيقُ والسَّدادُ لا شرِيك لهُ.

وقد زعمَ بعضُ المُتأخِّرِين من أصحابِنا أنَّ من ذهبَ مذهب ابن أبي سلمةَ، والمُزنِيِّ في هذه المسألةِ، أسقط سُنّةَ الجَهرِ في صلاةِ اللَّيلِ، وسُنَّةَ السُّورةِ مع أُمِّ القُرآنِ، وهذا ليس بشيءٍ؛ لأنَّ إمامهُ قد جاءَ بذلك، وحصلت صلاتُهُ على سُنَّتِها في سِرِّها وجَهرِها، وغيرِ ذلك من أحكامِها، وإنَّما هذا كرجُلٍ أحرمَ والإمامُ راكِعٌ،


(١) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (٧١٩٩)، والأوسط لابن المنذر ٤/ ٢٧٢ - ٢٧٣.
(٢) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (٧٢٠٣) و (٧٢٠٦)، والأوسط لابن المنذر ٤/ ٢٧٣.
(٣) في الأوسط ٤/ ٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>