للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمعنى في ذلك ما قدَّمنا ذِكرهُ من الإيمانِ، والعَملِ الصّالِح في الزَّمنِ الفاسِدِ، الذي يُرفعُ فيه العِلمُ والدِّينُ من أهلِهِ، ويَكثُرُ الفِسقُ والهَرْجُ، ويُذلُّ المُؤمِنُ، ويُعزُّ الفاجِرُ، ويَعُودُ الدِّينُ غرِيبًا كما بَدَأ، ويكونُ القائمُ فيه بدِينِهِ، كالقابِضِ على الجَمْرِ، فيَسْتوِي حِينئذٍ أوَّلُ هذه الأُمَّةِ بآخِرِها في فَضْلِ العملِ، إلّا أهل بَدْرٍ والحُديبِيةِ، واللَّه أعلمُ.

ومن تدبَّر آثار هذا البابِ، بان لهُ الصَّوابُ، واللَّه يُؤتي فضلهُ من يشاءُ.

وأمّا قولُهُ: "وأنا فَرَطُكُم على الحوضِ". فالفَرَطُ والفارط (١)، هُو الماشِي المُتقدِّمُ أمام القَوْم إلى الماءِ. هذا قولُ أبي عُبيدٍ، وغيرِهِ.

وقال ابن وَهْبٍ: أنا فَرَطُكُم، يقولُ: أنا أمامكُم، وأنتُم ورائي تتبعُوني.

واسْتَشهد أبو عُبيدٍ، وغيرُهُ على قولِهِ: الفارِطُ: المُتقدِّمُ إلى الماءِ. بقولِ الشّاعِرِ (٢):

فأثارَ فارِطُهُم غُطاطًا جُثَّما ... أصواتُهُ كتَراطُنِ الفُرْسِ (٣)

وقال القُطامِيُّ (٤):

فاستَعجلُونا وكانوا من صَحابتِنا ... كما تَعجَّل فُرّاطٌ لوُرّادِ (٥)

وقال غيرُه (٦):

فأثارَ فارطهم غطاطًا جثمًا ... أصواته كتراطن الفُرسانِ


(١) في د ٢، ت، ن: "والمتفارط".
(٢) انظر: البيت منسوبًا لطرفة في تاج العروس ٢٥/ ٩٨.
(٣) من قوله: "هذا قول أبي عبيدة". إلى هنا، لم يرد في الأصل، ت، وهو ثابت في د ٢.
(٤) ديوانه، ص ٩٥.
(٥) زاد بعده في الأصل، د ٢، ت: "وقال غيره: فأثار فارِطهم غطاطًا جثما أصواته كتراطُنِ الفرس". وقد سلف ذكر البيت قبله.
(٦) هذا والبيت الآتي سقط من م، وهو مذكور في (غطط) من اللسان، وتاج العروس.

<<  <  ج: ص:  >  >>