للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورَوَى حَبيبٌ (١)، عن مالكٍ، عن الزُّهريِّ، عن أنسٍ، قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقبلُ الهديَّةَ، ويثيبُ عليها. وهذا الحديثُ، وإنْ كان إسنادُه غيرَ صحيح؛ لتفَرُّدِ حَبيبٍ به عن مالكٍ، فإنّ قَبولَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الهدايا أشهَرُ وأعْرَفُ، وأكثرُ من أن تُحْصَى الآثارُ في ذلك، لكنّه كان - صلى الله عليه وسلم - مخصوصًا بما أفاءَ الله عليه من غير قتالٍ من أموالِ الكُفَّار، أنْ يكونَ له خاصَّةً دونَ سائرِ الناس، ومَنْ بعدَه من الأئمَّةِ حُكْمُه في ذلك خلافُ حُكْمِه؛ لأنّ ذلك لا يكونُ له خاصةً دونَ المسلمين بإجماعٍ، لأنّه فَيْءٌ، وفي حديث أبي حُمَيْدٍ السَّاعديِّ في قصَّةِ ابنِ اللُّتْبِيَّةِ (٢) ما يَدُلُّ على أنّ العامِلَ لا يجوزُ له أنْ يَسْتَأْثِرَ بهدِيَّةٍ أُهْدِيَتْ إليه بسَببِ ولايَتِه، لأنّها للمسلمين.

حدَّثنا سعيدُ بن نَصر (٣)، قال حدَّثنا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن وضَّاحٍ، قال: حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبةَ، قال (٤): حدَّثنا سفيانُ بن عيينةَ، عن الزُّهريِّ، عن عُروةَ، عن أبي حميدٍ السَّاعديِّ، قال: استعملَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا من الأزْدِ يقالُ له: ابنُ اللُّتْبيَّة. فلمّا قَدِم قال: هذا لكم، وهذا أُهْدِيَ إليَّ. فقامَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على المنبَر، فحَمِد الله وأثْنَى عليه، وقال: "ما بالُ عاملٍ أبعثُه، فيقولُ: هذا لكم، وهذا أُهدِيَ إليَّ، أفلا قعَد في بيت أبيه، أو بيتِ أُمِّه، حتى ينظُرَ أيُهْدَى إليه أم لا؟ والذي نفسُ محمدٍ بيَدِه، لا ينالُ أحدٌ منكم شيئًا


(١) هو حبيب بن أبي حبيب المصري كاتب مالك، يكنى أبا محمد، متروك، كذّبه أبو داود وجماعة، مات سنة ٢١٨ هـ (تهذيب الكمال ٥/ ٣٦٦).
(٢) ويقال فيه: "ابن الأتبية" كما في الأصل، وكما سيأتي بعد.
(٣) هو: ابن أبي الفتح مولى أمير المؤمنين عبد الرحمن بن محمد يكنى أبا عثمان من أهل قرطبة، روى عن قاسم بن أصبغ، وهو ثقة فيه وفي غيره، وتوفي سنة ٣٩٥ هـ. (الصلة، الترجمة ٤٦٧ ب).
(٤) المصنف (٣٤٢١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>