للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا رواه الجمهورُ من أصحاب الزهريِّ على هذا الترتيب. وقال فيه معمر: قال الزهريُّ: وإنما كان هذا رخصةً له خاصة، فلو أن رجلًا فعل ذلك اليوم لم يكن له بُدٌّ من التكفير (١). وقد ذكرنا ما للفقهاء في تأويل أمْرِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إيّاه بأكلِ ذلك العَرَق من التمرِ هو وعِيالُه، وفي وجوب الكفارةِ عليه إذا أيسَر، في باب ابن شهاب، بما يُغني عن ذكرِه هاهنا.

وأما ذِكْرُ البَدَنة في هذا الحديث فهو موجودٌ من حديثِ مجاهدٍ وعطاء، عن أبي هريرة، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفيها اضطرابٌ. ولا أعلمُ أحدًا كان يُفْتي بذلك من أهل العلم إلا الحسنَ البصريِّ، فإنه قال: إذا لم يجدِ المُجامعُ في رمضان -يعني عامِدًا غير معذور- رَقبةً أهدَى بَدَنةً إلى مكة (٢).

وقد حدَّثنا عبدُ الوارث بن سفيان، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبَغ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ يزيدَ المعلِّم، قال: حدَّثنا موسى بن معاوية الصُّمادِحيُّ، قال: حدَّثنا جريرٌ، عن ليث، عن مجاهد، عن أبي هريرة، قال: جاء رجلٌ إلى النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسولَ اللَّه، إني وقَعْتُ على أهلي في رمضان. قال: "بِئْسما صنَعْتَ، أعْتِقْ رَقَبةً". قال: لا أجِدُها. قال: "انْحَرْ بَدَنةً". قال: لا أجِدُها. قال: "اذْهَبْ فتَصدَّقْ بعشرينَ صاعًا، أو أحدٍ وعشرينَ صاعًا من تَمْر". قال: لا أجِدُ. قال: "فجِئْني أتَصَدَّقْ عنك". قال: ما بينَ لابتَيْها أهلُ بيتٍ أحوَجُ إليه منِّي. قال: "اذْهَب فكُلْه أنتَ وأهلُك" (٣).


(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٤/ ١٩٤ (٧٤٥٧) عن معمر بن راشد، به. ومن طريقه أبو داود (٢٣٩١)، وأبو عوانة في المستخرج ٢/ ٢٠٣ (٢٨٥٣). وينظر ما سلف في شرح الحديث الأول لابن شهاب الزُّهري عن حميد بن عبد الرحمن.
(٢) أخرجه الدارمي في سننه (١١٠٤) من طريق يزيد بن إبراهيم التَّستري عنه.
(٣) انفرد به المصنِّف بهذا الإسناد والسياق، وإسناده ضعيف؛ لضعف ليث: وهو ابن أبي سُليم، جرير: هو ابن عبد الحميد الضّبِّي. ومجاهد: هو ابن جبر المكّيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>