للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في (١) هذا الحديث إيجابُ العمل بخبرِ الواحد، ألا تَرى إلى عملِ (٢) عثمانَ بنِ عفانَ به وقضائه باعتدادِ المتوفَّى عنها زوجُها (٣) في بيتِها من أجلِه في جماعةِ الصَّحابة من غير نَكير.

وفي هذا الحديث، وهو حديثٌ مشهورٌ معروفٌ عندَ علماء الحجاز والعراق، أن المتوفَّى عنها زوجُها عليها أن تَعتدَّ في بيتِها، ولا تخرُجَ عنه، وهو قولُ جماعةِ فقهاءِ الأمصارِ بالحجازِ والشام والعراق ومصر؛ منهم مالكٌ، والشافعيُّ، وأبو حنيفةَ، وأصحابُهم، والثَّوريُّ، والأوزاعيُّ، والليثُ بنُ سعدٍ (٤). وهو قولُ عمرَ، وعثمانَ، وابنِ عمرَ، وابنِ مسعودٍ، وغيرهم (٥). وكان داودُ وأصحابه يذهَبون إلى أن المتوفَّى عنها زوجُها ليس عليها أن تَعتدَّ في بيتِها، وتَعتدُّ حيثُ شاءَت؛ لأن السُّكنَى إنما ورَد به القرآنُ في المطلَّقات (٦)، ومن حجتِه أن المسألةَ مسألةُ خلاف، قالوا: وهذا الحديثُ إنما تَرْويه امرأةٌ غيرُ معروفة بحمل العلم، وإيجابُ السُّكْنى إيجابُ حُكْم، والأحكامُ لا تَجِبُ إلا بنصِّ كتابٍ أو سنةٍ ثابتةٍ أو إجماع.

قال أبو عُمر: أما السُّنة فثابتةٌ بحمدِ اللَّه، وأما الإجماعُ فمُستغنًى عنه مع السُّنة؛ لأن الاختلافَ إذا نزل في مسألة، كانت الحُجّةُ في قول مَن وافقَته السُّنة، وباللَّه التوفيق.

وأما الاختلافُ في هذه المسألة، فذكَر عبدُ الرزاق، قال (٧): أخبرَنا ابنُ


(١) في د ٣: "ففي".
(٢) هذه اللفظة سقطت من د ٣.
(٣) هذه اللفظة سقطت من الأصل.
(٤) ينظر: المدوّنة ٢/ ٣٨، والأمّ للشافعيّ ٥/ ٢٣٩، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٣٩٧ - ٣٩٦، والمغني لابن قدامة ٨/ ١٥٩.
(٥) ينظر: المصنَّف لعبد الرزاق ٧/ ٣٠ - ٣٢ (١٢٠٦١ - ١٢٠٦٩) و ٧/ ٣٣ (١٢٠٧١).
(٦) ينظر فيما ذهب إليه أهل الظاهر في هذا المحلّى لابن حزم ١٠/ ٢٨٤.
(٧) في المصنَّف ٧/ ٢٩ (١٢٠٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>