للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا الحديث آدابٌ وسننٌ؛ منها التأكيدُ في لزوم الصمت، وقولُ الخيرِ أفضلُ من الصمت؛ لأن قولَ الخير غَنيمةٌ، والسكوتَ سلامة، والغَنيمةُ أفضلُ من السلامة، وكذلك قالوا: قلْ خيرًا تَغنَمْ، واسْكُتْ عن شرٍّ تسْلَم. قال عمّارٌ الكَلْبيُّ (١):

وقُلِ الخَيْرَ وإلّا فاصْمُتنْ ... إنَّه مَن لزِم الصمتَ سلِمْ

وقال آخر:

ومَن لا يَمْلِكُ الشَّفَتَيْن يَسْخُو ... بسوءِ اللفظِ مِن قالٍ وقيلِ (٢) (٣)

فمَن كانت هذه حالَه هو المأمورُ بالصمت، لا قائلَ الخيرِ وذاكرَ اللَّه، وقد ذكَرْنا هذا المعنى وكثيرًا مما قيل فيه من النَّظْم والنَّثر في كتاب "العلم" (٤)، وتقصَّيتُه في كتاب "بهجة المجالس" (٥)، والحمدُ للَّه. ورُوِي عن ابن مسعودٍ أنه قال: ما الشُّؤْمُ إلا في اللسان، وما شيءٌ حَقَّ بطول السجنِ منه (٦).


(١) ذكره المصنِّف في بهجة المجالس، ص ٨٤، وفي أدب المجالسة، ص ٨٥.
(٢) ذكره المصنِّف في بهجة المجالس، ص ٨٣، وفي أدب المجالسة، ص ٩٣.
(٣) بعد هذا في م: "ولقد أحسن القائل:
رأيْتُ اللسانَ على أهلِه ... إذا ساسه الجهلُ ليثًا مُغيرَا
وقال آخر:
لسانُ الفتى حَتْفُ الفتى حينَ يَجْهلُ ... وكلُّ امرئ ما بينَ فكَّيْه مَقْتَلُ"
والبيت الأول في الأمثال لابن سلام، ص ٤١، وعيون الأخبار لابن قتيبة، ص ٤٥١ وغيرهما دون عزو لقائل معين، والثاني لنصر بن أحمد الخبزارزي، وهو في نشوار المحاضرة ٧/ ١٠٣ وغيره، ولم يردا في النسخ المعتمدة.
(٤) جامع بيان العلم وفضله، ص ٥٤٧ - ٥٥٣ (٩٠٨ - ٩٢٣).
(٥) ص ٧٧ - ٧٨.
(٦) سيأتي تخريجه بعد قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>