ومن ذلك ما جاء في تمهيد حديث عبد اللَّه بن الفضل قول المصنِّف (١٢/ ٤٥)"حدَّثنا عبدُ اللَّه بن محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال: حدَّثنا عُثمانُ بن أبي شَيْبةَ، قالا: حدَّثنا جرِيرُ بن حازِم، عن أيُّوبَ، عن عِكرِمةَ، عن ابنِ عبّاسٍ: أنَّ جارِيةً بكرًا أتَتِ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكرَتْ له أنَّ أباها زوَّجها وهي كارِهةٌ، فخيَّرها النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-".
قلنا: هكذا ورد هذا الإسناد في النسخ كافة، مما يرجِّح أنه من أوهام المؤلف، لأن هذا الإسناد بهذه الصيغة لا يصح، فعثمان بن أبي شيبة إنما يرويه عن شيخه الحسين بن محمد، كما في سنن أبي داود (٢٠٩٦). كما أخرجه أحمد في مسنده ٤/ ٢٧٥ (٢٤٦٩)، وابن ماجة (١٨٧٥)، والنسائي في الكبرى ٥/ ١٧٦ (٥٣٦٦)، وأبو يعلى (٢٥٢٦)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٣٦٥، من طريق الحسين بن محمد، بهذا الإسناد. ولذلك زدنا "الحسين بن محمد" بين حاصرتين، وذكرنا أن الإسناد لا يصح إلا بهذه الزيادة.
ومن ذلك ما جاء في تمهيد الحديث العاشر لسهيل بن أبي صالح عن أبيه أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"إن اللَّهَ يرضَى لكم ثلاثًا، ويسخَطُ لكم ثلاثًا" الحديثَ، فقال (١٣/ ٥٠٢): "وعند مالكٍ فيه إسناد آخر، رواه عنه عبدُ العزيز بنُ أبي روّاد، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، وأخشَى أن يكونَ هذا الإسنادُ غيرَ محفوظ، وأن يكونَ خطأً، لأن ابنَ أبي روّادٍ هذا قد روَى عن مالكٍ أحاديثَ أخطَأ فيها".
فتعقبناه بقولنا: كذا ذكر هنا "عبد العزيز بن أبي روّاد"، وهذا وهم منه رحمه اللَّه، فالمحفوظ أن هذا الحديث عن مالك إنما هو من رواية ابنه "عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روّاد"، يرويه عنه نوح بن حبيب القُومسي، فقد أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء ٦/ ٣٤٢، والقضاعي في مسند الشهاب ٢/ ١٩٦ (١١٧٣)، وأبو طاهر السِّلفي في الطيوريات ٣/ ٩٧٧ (٩٥٨)، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٦٢/ ٢٣٥ من طرق عن نوح بن حبيب القومسي، عن عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روّاد، به.