للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: قصُّ الشارب والختانُ من ملَّةِ إبراهيمَ لا يختلفون في ذلك. ذكر مالكٌ (١)، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيِّب، أنه قال: كان إبراهيمُ أولَ من ضيَّف الضيف، وأولَ الناس اخْتَتَن، وأولَ الناس قصَّ شاربَه، وأولَ الناس رأى الشَّيبَ، فقال: يا ربِّ ما هذا؟ فقال اللَّه: وَقارٌ يا إبراهيم. فقال: ربِّ زِدْني وَقارًا.

وروَى الأوزاعيُّ، عن يحيى بن سعيد، عن سعيدِ بنِ المُسَيِّب، عن أبي هريرة، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "اختَتَن إبراهيمُ وهو ابنُ عشرين ومئةِ سنة، ثم عاش بعدَ ذلك ثمانين سنة" (٢).

وروَى هذا الحديث غيرَ الأوزاعيِّ جماعة، عن يحيى بنِ سعيد، عن سعيد، عن أبي هريرة موقوفًا (٣). وهو مرفوعٌ من حديث ابنِ عَجْلان، عن أبيه، عن أبي هريرة (٤).


(١) الموطأ ٢/ ٥٠٧ (٢٦٦٧).
(٢) أخرجه أبو الشيخ في كتاب العقيقة كما في فتح الباري ٦/ ٣٩١، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٥٣/ ٣٠٠ من طريق عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعيّ.
(٣) وممّن رواه عن يحيى بن سعيد -وهو الأنصاري-: عَبْدة بن سليمان عند ابن أبي شيبة في المصنف (٣٤٦٢٠) وحمّاد بن سلمة وأبي معاوية محمد بن خازم الضرير عند الحاكم في المستدرك ٢/ ٥٥١ بإسنادين من طريقهما.
(٤) أخرجه ابن حبّان في صحيحه ١٤/ ٨٦ (٦٢٠٥) من طريق الليث بن سعد، عن محمد بن عجلان، به.
وقد خالف الليثَ بنَ سعدٍ في هذا الحديث يحيى بن سعيد القطّان فقال فيه: "اختَتَن إبراهيم وهو ابنُ ثمانين سنة، اختَتَن بالقَدُوم" أخرجه عنه أحمد في المسند ١٥/ ٣٨٣، ٣٨٤ (٩٦٢٢) عن محمد بن عجلان -وهو مولى فاطمة بنت عتبة المدنيّ- به. ورواية يحيى القطان هي المحفوظة على ما رجّحه أكثر أهل العلم، قالوا: إن سنَّ إبراهيم عليه الصلاة والسلام عند اختتانه كان ثمانين سنة، وإلى هذا ذهب النوويّ في شرحه على مسلم ١٥/ ١٢٢ قال: "وهو الصحيح، ووقع في الموطّأ: وهو ابن مئة وعشرين سنة موقوفًا على أبي هريرة، وهو متأوّل أو مردود"، وقال الحافظ ابن حجر في الفتح ٦/ ٣٩١: "وجمع بعضُهم بأنّ الأولَ حُسِبَ من مبدأ نُبوَّتِه، والثاني من مبدأ مولدِه".

<<  <  ج: ص:  >  >>