للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكَر أشهبُ عن مالك، أنه قال في حلق الشارب: هذه بِدَعٌ، وأرى أن يُوجَعَ ضربًا مَن فعَله. وقال مالك: كان عمرُ بنُ الخطاب إذا كرَبه أمرٌ نفَخ، فجعَل رجلٌ يُرادُّه وهو يَفتِلُ شاربَه (١).

وحدَّثنا أحمدُ بنُ عبدِ اللَّه بنِ محمد، قال: حدَّثنا أبي، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ فُطَيس، قال: حدَّثنا يحيى بنُ إبراهيم، قال: حدَّثنا أصبغُ بنُ الفرج، قال: حدَّثنا عيسى بنُ يونسَ، عن عبدِ العزيز بنِ عمرَ بنِ عبدِ العزيز، عن أبيه، قال: السنةُ في الشاربِ الإطار.

قال الطحاويُّ (٢): ولم نجدْ عن الشافعيِّ شيئًا منصوصًا في هذا، وأصحابُه الذين رأيناهم؛ المُزنيُّ والربيع، كانا يُحفِيان شواربَهما، ويدلُّ ذلك على أنهما أخَذا ذلك عن الشافعيِّ.

قال (٣): وأما أبو حنيفة، وزُفَرُ، وأبو يوسف، ومحمدٌ، فكان مذهبُهم في شعر الرأس والشارب أنَّ الإحفاءَ أفضلُ من التَّقصير.

وذكر ابنُ خُوَيْزمنداد عن الشافعيِّ أن مذهبَه في حلق الشارب كمذهب أبي حنيفةَ سواء.

وقال الأثرم: رأيتُ أحمدَ بن حنبل يُحْفي شاربَه شديدًا، وسمعتُه يُسألُ عن السنّة في إحفاءِ الشَّوارب فقال: يُحْفي كما قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أحفُوا الشوارِب" (٤).


(١) ذكره الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٤/ ٣٨٢، وأبو الوليد بن رشد في البيان والتحصيل ٩/ ٣٧٢.
وقال الطحاوي ٤/ ٣٨٤: "وما احتجَّ به مالكٌ أنّ عمرَ كان يفتِلُ شاربَه إذا غضب، فجائزٌ أن يكون كان يتركه حتى يُمكن فتْلَه ثمّ يحلِقه، كما نرى كثيرًا من الناس يفعله".
(٢) في مختصر اختلاف العلماء ٤/ ٣٨٢ - ٣٨٣.
(٣) في مختصر اختلاف العلماء ٤/ ٣٨٢.
(٤) وكذا نقل محمد بن الحسن بن هارون عن الإمام أحمد فيما أخرجه عنه أبو بكر الخلال في الوقوف والترجُّل من مسائل الإمام أحمد (٨٩)، ثم ذكر عنه استشهاده بالحديث المذكور الذي سيأتي تخريجه قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>