للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عمرَ، رواه عنه جماعةٌ من التابعين، كلُّهم بمعنًى واحد، أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "صلاةُ الليل مثنى مثنى" (١).

وقد ذكَرنا حديثَ ابن عمرَ وطُرقَه في باب نافع من هذا الكتاب، ومضَى حديثُ ابنِ عمرَ بأنّ روايةَ من روَى عن عائشة في صلاة الليل: أن رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُسلِّمُ منها في كلِّ ركعتين - أصحُّ وأثبت، لقوله: "صلاةُ الليل مثنَى مثنَى"، وباللَّه التوفيق.

وأما قولُها في هذا الحديث: أتنامُ قبلَ أن تُوتِرَ؟ فإنه لا يُوجَدُ إلا في هذا الإسناد، وفيه تقديمٌ وتأخيرٌ؛ لأنه في هذا الحديث بعدَ ذكر الوتر، ومعناه أنه كان ينامُ قبلَ أن يُصلِّي الثلاثَ التي ذكرت. وهذا يدُلُّ على أنه كان يقوم، ثم ينام، ثم يقوم فينام، ثم يقوم فيوتر؛ ولهذا ما جاء في هذا الحديث: أربعًا، ثم أربعًا، ثم ثلاثًا. أظنُّ ذلك، واللَّهُ أعلم، من أجل أنه كان ينامُ بينهن، فقالت: أربعًا، ثم أربعًا، يعني بعدَ نوم، ثم ثلاثًا بعدَ نوم. ولهذا ما قالت له: أتنامُ قبل أن توتِر؟ وإذا كان هذا على ما ذكرنا لم يَجُزْ لأحدٍ أن يتأوّلَ أنَّ الأربعَ كنَّ بغير تسليم، لا سيَّما مع قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صلاةُ الليل مثنَى مثنَى".

وأما روايةُ مَن روى أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يضطَجِعُ بعدَ الوتر. ومن روَى أنه كان يضطَجِعُ بعدَ ركعتَي الفجر. فقد ذكرنا ذلك في باب ابن شهاب، عن عُروةَ من هذا الكتاب (٢)، وذكرنا عن العلماء ما صحَّ عندَهم، وما ذهبوا إليه في ذلك، والحمدُ للَّه، هنالك.

وأما قوله: "إنّ عينيَّ تنامان، ولا ينامُ قلبي". فهذه جبلَّتُه -صلى اللَّه عليه وسلم- التي طُبع عليها.


(١) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ١٨٠ (٣١٩) عن نافع مولى ابن عمر، عن عبد اللَّه عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما، وهو الحديث الأول لنافع، وسلف تمام تخريجه والكلام عليه في موضعه.
(٢) سلف ذلك في الحديث الرابع لابن شهاب الزُّهريّ عن عروة.

<<  <  ج: ص:  >  >>