للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من رواية مالكٍ (١) وغيره في صدقةِ الحيِّ عن الميت، هو حديث سعد بن عُبادة هذا، واللَّهُ أعلم.

وأما معنى هذا الحديث فمُجتمعٌ عليه في جوازِ صدقةِ الحيِّ عن الميت، لا يختلفُ العلماءُ في ذلك، وأنها مما ينتفعُ الميتُ بها، وكفَى بالاجتماع حُجَّة، وهذا من فضل اللَّه على عبادِه المؤمنين أن يُدْرِكَهم بعدَ موتهم عملُ البرِّ والخير بغير سبَبِ منهم، ولا يلحَقَهم وِزْرٌ يعمَله غيرُهم، ولا شرٌّ، إن لم يكن لهم فيه سببٌ يُسَبِّبونَه أو يَبتَدِعونَه، فيُعمل به بعدَهم.

حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ يحيى، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ سعيد، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ عبد العزيز بن أبي عُبَيد اللُّؤلؤيُّ البغداديُّ بمكة، قال: حدَّثنا عليُّ بنُ حرب (٢)، قال: حدَّثنا عبدُ الملك بنُ عبدِ العزيز بن أبي سلَمة، قال: حدَّثنا مالكُ بنُ أنس، عن سعيدِ بنِ عمرِو بنِ شُرَحْبيل، عن أبيه، عن جدِّه، عن سعد بنِ عُبادة، أنه خرَج مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في بعض مغازِيه، وحضَرَت أمَّه الوفاةُ، فقيل لها: أوْصي. فقالت: بمَ أُوصي؟ إنّما المالُ كلُّه لسعد. قال: فلمّا قدِمْتُ أُخبِرتُ بذلك، فقلتُ للنبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: أينْفَعُها أن أتصَدَّقَ عنها؟ قال: "نعم".

وهذا الإسنادُ عن مالك يدُلُّ على الاتِّصال، وهو الأغلبُ منه، واللَّه أعلم. وكذلك حديثُ الدَّراوَرْديِّ في ذلك:


(١) وفيه قول عائشة رضي اللَّه عنها: إنّ رجلًا قال لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن أُمِّي افتُلِتَتْ نفسُها، وأُراها لو تكلَّمت تصدَّقت، أفأتصدَّق عنها؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: نعم". وهو في الموطأ ٢/ ٣٠٦ (٢٢١٢). وهو الحديث الموفي عشرين لهشام بن عروة، وسيأتي تمام تخريجه والكلام عليه في موضعه إن شاء اللَّه تعالى.
(٢) هو الطائي، وشيخه عبد الملك بن عبد العزيز بن أبي سلمة: هو الماجشون، أبو مروان المدنيّ الفقيه، وهو ضعيف عند التفرد، ضعّفه مصعب بن عبد اللَّه الزُّبيري، وأحمد بن حنبل، وأبو داود، والساجي، وابن البرقي، ولم يذكره في الثقات سوى ابن حبان كما في تحرير التقريب (٤١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>