للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورواه شعبةُ، عن عمرو بن حرملة، عن ابن عباس مثلَه (١).

وقال أبو داود الطَّيالسي (٢): كذا قال شعبة، وغيرُه يقول: عمرُ بنُ أبي حَرْملة.

وفي هذا الحديث من الفقه: أن مَن وجَب له شيءٌ من الأشياء لم يُدْفَعْ عنه، ولم يُتسوَّرْ عليه فيه إلا بإذنه، صغيرًا كان أو كبيرًا، إذا كان ممن يجوزُ له إذنُه، وليس هذا مَوضِعَ: "كَبِّرْ، كَبِّرْ" (٣)؛ لأن السِّنَّ إنما يُراعى عندَ استِواء المعاني والحقوق، وكلُّ ذي حقٍّ أولى بحقِّه أبدًا، والمناولة على اليمين من الحقوق الواجبة في آدابِ المجالسة.

وفي هذا الحديث: دليلٌ على أن الجُلساء شركاءُ في الهدية، وذلك على وجْهِ الأدب والمُروءَة، والفضْل والأُخوّة، لا على الوُجُوب؛ لإجماعهم على أنّ المُطالبةَ بذلك غيرُ واجبةٍ لأحدٍ، وباللَّه التوفيق. وقد رُويَ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "جُلساؤكُمْ شركاؤُكُم في الهديّة" (٤) بإسنادٍ فيه لين.


(١) أخرجه أحمد في المسند ٤/ ٣٤٤ (٥٦٩)، وإسناده كسابقه.
(٢) في مسنده (٢٨٤٦).
(٣) يُشير، إلى قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- لعبد الرحمن بن سهل الأنصاري في قصّة مقتل أخيه عبد اللَّه في خيبر، وكان أحدث القوم سنًّا، فقال له -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كبِّرْ كبِّرْ" يريد: السِّنَّ، أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٤٥٢ (٢٥٧٤) عن يحيى بن مسعود عن بُشَير بن يسار، وهو الحديث الحادي والعشرين ليحيى بن سعيد، وسيأتي تمام تخريجه والكلام عليه في موضعه إن شاء اللَّه تعالى.
وأخرجه أيضا ٢/ ٤٥١ (٢٥٧٣) عن أبي ليلى بن عبد الرحمن بن سهل، عن سهل بن أبي حثمة، وفيه أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال ذلك لمُحيِّصة بن مسعود الأنصاري، وسيأتي في موضعه إن شاء اللَّه تعالى مع تمام تخريجه والكلام عليه.
(٤) سلف تخريجه في أثناء شرح الحديث الثالث لابن شهاب الزُّهري عن أنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>