للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلت: واللَّه إني لأحبُّك. فأخَذ بحُبوتي ثم جبَذني، فقال: آللَّه؟ مرتين أو ما شاء اللَّه. قال: قلت: نعم. قال: سمِعتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "قال اللَّه عزَّ وجلَّ: وَجَبَتْ مَحَبَّتي، أو رَحْمَتي، للذين يتَحابُّون فيَّ، ويتباذلُون فيَّ، ويتَجالسون فيَّ، ويتجاوَرون فيَّ" (١).

فهذا أبو بَحريّة السَّكونيُّ قد روَى عن معاذ نحو حديثِ أبي إدريسَ سواءً في المعنى، وليس في حديثِه هذا ذكرُ مسجدِ دمشقَ ولا مسجدِ حِمْص.

وأخبرنا أحمدُ بنُ قاسم، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغ، قال: حدَّثنا الحارثُ بنُ أبي أسامة، قال: حدَّثنا رَوْحُ بنُ عُبادة، قال: أخبرني مالكٌ، عن أبي حازم بنِ دينار، عن أبي إدريسَ الخَوْلانيِّ، قال: دخلتُ مسجدَ دمشقَ فإذا أنا بفتًى برّاقِ الثَّنايا، وإذا الناسُ حولَه. فذكَر الحديثَ كما في "الموطأ" سواءً، إلا أنه قال في آخره: سمِعتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "قال اللَّهُ تبارك وتعالى: وجَبَتْ مَحبَّتي للمُتحابِّين فيَّ، والمتجالسين فيَّ، والمتجاوِرين فيَّ، والمتباذِلين فيَّ" (٢).

وقد روَى أبو مسلم الخَوْلانيُّ عن معاذِ بنِ جبل مثلَ ما روَى عنه في هذا الحديث أبو إدريسَ وأبو بَحْرِيّة، إلا أن حديثَه مختصَرُ المعنى عن معاذٍ، وقال: في مسجدِ حمصَ. وألفاظُ هذا الحديث رواها أبو مسلم عن عُبادةَ، وجائزٌ أن يكونَ عُبادةُ ومُعاذٌ وغيرُهما أيضًا سمِعا ذلك من رسولِ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. هذا ممكنٌ غيرُ ممتَنع، على أن أبا مسلم الخَوْلانيَّ، وإن كان فاضلًا، فإنهم يُضَعِّفون نقلَه، وليس ممن يُقاسُ بأبي إدريسَ الخَولانيِّ في فهمِه وعلمِه.


(١) أخرجه الطبراني في الكبير ٢٠/ ٩٢ (١٧٨) من طريق موسى بن عُبيدة الرَّبَذيّ، به، وهو ضعيف كما في التقريب (٦٩٨٩)، عبد اللَّه بن أبي سليمان: هو القرشي، أبو أيوب الأموي، مولى عثمان بن عفان، وأبو بحريّة: هو عبد اللَّه بن قيس الكندي السّكوني.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٣٦/ ٣٥٩ (٢٢٠٣٠) عن روح بن عبادة، به. ورجاله إسناده ثقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>