للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سعيدِ بن المسيِّب وغيرِه فيه. ولا أدري صِحَّةَ هذا؛ لأنّ مالكًا قد ذكَره في كتاب الحجِّ، وصرَّحَ باسمِه (١)، ومال إلى روايتِه عن ابن عباسٍ وترَك روايةَ عطاءٍ في تلك المسألة، وعطاءٌ أجلُّ التابعين في علم المناسكِ والثِّقةِ والأمانة.

روَى مالكٌ، عن أبي الزبير المكيِّ، عن عطاءِ بن أبي رباح، عن عبد الله بن عباس، أنّه سُئلَ عن رجلٍ وقَع على امرأتِه وهو بمنًى قبلَ أنْ يُفيضَ، فأمَره أن ينحَرَ بَدَنةً (٢).

وروَى مالكٌ أيضًا، عن ثورِ بن زيدٍ الدِّيليِّ، عن عكرمةَ مولَى ابن عباسٍ، قال: أظنُّه عن ابن عباسٍ، أنّه قال: الذي يصيبُ أهلَه قبلَ أن يُفيضَ، يعتمِرُ ويُهدِي (٣). وبه قال مالكٌ.

قال أبو عُمر: عكرمةُ مولَى ابن عباسٍ (٤) من جِلَّة العلماء، لا يَقدَحُ فيه كلامُ من تكلَّم فيه؛ لأنَّه لا حُجَّةَ مع أحدٍ تكلَّم فيه. وقد يحتملُ أن يكونَ مالكٌ جبُن عن الروالة عنه؛ لأنَّه بلَغه أنّ سعيدَ بنَ المسيِّبِ كان يرمِيه بالكذب، ويحتمِلُ أن يكونَ لِما نُسِب إليه من رأي الخوارج، وكلُّ ذلك باطلٌ عليه إن شاء اللهُ. وقد قال الشافعيُّ في بعض كُتبِه: نحن نتَّقي حديثَ عكرمةَ. وقد روَى الشافعيُّ عن إبراهيمَ بن أبي يحيى، والقاسم العُمَريِّ، وإسحاقَ بن أبي فَرْوةَ، وهم ضُعفاءُ متروكونَ، وهؤلاء كانوا أولَى أن يُتَّقَى حديثُهم، ولكنّه لم يَحتَجَّ بهم في حكمٍ، وكلُّ أحدٍ من خلقِ الله يُؤخذُ من قوله ويُتركُ إلّا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -.


(١) الموطأ ١/ ٥١٧ (١١٣٧) برواية الليثي، وهو عند غيره من رواة الموطأ.
(٢) الموطأ ١/ ٥١٦ - ٥١٧ برواية الليثي، وهو في رواية أبي مصعب (١٢٣٨)، وسويد بن سعيد (٢٥٣٢)، والشافعي كما في البيهقي ٥/ ١٧١، وغيرهم.
(٣) تقدم قبل قليل.
(٤) تنظر ترجمته ومصادرها في تهذيب الكمال ٢٠/ ٢٦٤ فما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>