للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقديرُ الآية في مذهب مَن أنكَر أن تكونَ المُلامسةُ الجِماعَ ممَّن يَرى التيمُّمَ للجُنُب، أن يكونَ فيها تقديمٌ وتأخيرٌ (١)، كأنه قال عزَّ وجلَّ: يا أيُّها الذين آمنوا إذا قُمتُم إلى الصلاة من النوم، أو جاء أحدٌ منكم من الغائطِ أو لامَسْتُم النساءَ فاغْسِلوا وُجوهَكم وأيديَكم إلى المرافق، وأرجلَكم إلى الكعبين، وامسَحُوا برؤوسِكُم، وإن كنتُم جنبًا فاطَّهروا، وإن كنتم مَرْضَى أو على سفَر ولم تَجِدوا ماءً فتيَمَّموا صعيدًا طيِّبًا، فامسَحوا بوجوهِكم وأيديكم منه (٢). فدخَل في التيمُّم الجُنبُ وغيرُه على هذا الترتيب من التقديم والتأخير. قالوا: والتقديمُ والتأخيرُ في كتاب اللَّه كثيرٌ لا يُنكِرُه عالم.

قال أبو عُمر: ثم اختلَف القائلون بأن اللَّمْسَ ما دونَ الجِماع؛ فقال بعضُهم: إنّما اللَّمسُ الذي يجبُ منه الوضوءُ أن يلمِسَ الرجلُ المرأةَ لشهوة، فإن لمَسها لغيرِ شهوةٍ فلا وُضوءَ عليه. هذا مذهبُ مالكٍ وأصحابه، وبه قال أحمدُ بنُ حنبل، وإسحاقُ بنُ راهُوية (٣)، ورُوِيَ ذلك عن النَّخعيِّ، والشَّعبيِّ (٤). ورواه شعبةُ، عن الحكم وحمادٍ (٥) , واحتج إسحاقُ فقال: أخبرنا محمدُ بنُ بكر، قال: أخبَرنا ابنُ جُريج، قال: أخبرنا عبدُ الكريم، أنه سمِع الحسنَ يقول: كان النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-


(١) في د ٢: "أو تأخير".
(٢) جاء بعد هذا في بعض نسخ الإبرازة الأولى: "لأن القائلين بهذا التقدير في الآية اختلَفوا في تيمُّم الحاضر الصحيح إذا فقدَ الماءَ وخشيَ فواتَ الوَقْت على ما ذكَرْنا في غير هذا الموضع"، ولا أثر لهذا النص في نسخ الإبرازة الأخيرة.
(٣) ينظر: المدوّنة ١/ ١٢١، والأمّ للشافعي ١/ ٣٠، ومسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد اللَّه ص ١٩ (٦٤)، ومسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية لإسحاق بن منصور الكوسج ٢/ ٢٩٧ (٢٩).
(٤) ينظر: المصنَّف لعبد الرزاق ١/ ١٣٣ (٥٠١)، ولابن أبي شيبة (٤٩٧) و (٤٩٨)، وتفسير ابن جرير الطبري ٨/ ٣٩٥، والأوسط لابن المنذر ١/ ٢٣١.
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٥٠١)، وابن جرير الطبري في تفسيره ٨/ ٣٩٥ من طريقين عن شعبة بن الحجّاج، به. الحكم: هو ابن عتيبة، وحمادٌ: هو ابن أبي سليمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>