الأول: أن حديث الزهري هو غير حديث أبي النضر، لأن في حديث الزهري عموم الصور دون استثناء شيء منها، فضلًا عن زيادة أبي النضر للقصة، فإعلال حديث أبي النضر بحديث الزهري غير جيد، بل لا يجوز، والدليل على ذلك أن الترمذي قد ذكر الحديثين في جامعه في موضعين مختلفين. الثاني: أن أحدًا من أهل التواريخ والسير لم يذكر السنة التي ولد فيها عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، أو يذكر عمره سنة وفاته التي كانت سنة ثمان وتسعين في أصح الأقوال. ومن ثم، فإن الجزم بعدم إدراكه لسهل بن حنيف فيه نظر؛ لأنه لم يبن على وقائع ثابتة، بل قد يكون الصحيح صحة سماعه منه للأساب الآتية: أ- قول الذهبي في السير ٤/ ٤٧٥: "ولد في خلافة عمر أو بُعيدها". ب - رواية مالك لهذا الحديث وفيه الإجماع من الرواة عنه أنه سهل بن حنيف، لا عثمان بن حنيف. جـ- تصحيح الترمذي لحديث مالك وفيه سهل بن حنيف. د - أن أحدًا ممن ألف في المراسيل لم يذكر أن عبيد اللَّه أرسل عن سهل بن حنيف، أو أن روايته عنه منقطعة. هـ- لم يشر المزي عند ذكر رواية عبيد اللَّه عن سهل بن حنيف في تهذيب الكمال (١٢/ ١٨٥ و ١٩/ ٧٣) إلى أنها مرسلة، كما هي عادته في مثل هذا الأمر مما يدل على أنه رآها متصلة. وعلى هذا، فإن القول بتقدير ولادة عبيد اللَّه في خلافة عمر رضي اللَّه عنه أو بُعيدها هو المرجح الذي ليس من دافع يدفعه. الثالث: أن إعلال رواية مالك عن أبي النضر، بما رواه محمد بن إسحاق عن أبي النضر، فيه نظر لما هو معروف من علو مالك في الدقة والضبط والإتقان على ابن إسحاق، وليس عندنا ممن رواه غيرهما. مما يتقدم يتبين صحة حديث مالك هذا، كما قال الإمام الترمذي، واللَّه أعلم بالصواب. (١) أبو القاسم نِعْمَ الخلَف بن محمد بن يحيى الأنصاري.