للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تدخُلُ الملائكةُ بيتًا فيه كلبٌ ولا صورةٌ" (١).

قال أبو عُمر: هذا عندَهم خطأٌ من الأوزاعيِّ، وكان في حفظِه شيء، لم يكن بالحافظ (٢). وقد تابَع ابنَ أبي ذئبٍ عبدُ العزيز بنُ أبي سلمةَ الماجِشون ومعمر:


(١) أخرجه الشاشي في مسنده ٣/ ٨ (١٠٤٦) من طريق عيسى بن أحمد العسقلاني، بشر بن بكر التِّنِّيسي أبي عبد اللَّه البَجَليّ، به. وأخرجه النسائي في الكبرى ٨/ ٤٥٣ (٩٦٨٢)، والطبراني في الكبير ٥/ ٩٤ (٤٦٩٢) من طريق الوليد بن مسلم الدِّمشقي، عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعيّ، به.
وقال الدَّارقطني في العلل ٦/ ٨ (٩٤٢) بعد أن ذكر فيه الاختلاف عن الزُّهري: "وخالفهم الأوزاعيّ، فرواه عن الزُّهري عن عبيد اللَّه، عن أبي طلحة، ولم يذكر ابنَ عبّاس، وقال: "والقولُ قولُ من ذكر فيه ابنَ عبّاس".
(٢) لا يصحُّ إطلاق مثل هذا القول في إمام حافظ وجليل كعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعيّ، وقد أجمع الأئمّة على توثيقه وإمامته، فقد عدّه عبد الرحمن بن مهدي أحد أئمّة الحديث الأربعة مع مالك وسفيان الثوري وحمّاد بن زيد، وقال أبو حاتمٍ: إمامٌ متَّبع لما سمع، وقال سفيان بن عيينة: كان إمام أهل زمانه، وقال ابن سعد: "كان ثقة مأمونًا، صدوقًا فاضلًا خيِّرًا، كثير الحديث والعلم والفقه". إلّا أنه تُكلِّم في بعض ما يرويه عن الزُّهري، فقد ذكر عثمان بن سعيد الدارمي في تاريخه عن ابن معين، ص ٤٥ (٢٣) أنه سأله عن الأوزاعي ما حالُه في الزهري؟ فقال: "ثقة، ما أقلّ ما روى عن الزُّهري"، ونقل ابن طهمان عنه كما في كلام أبي زكريال يحيى بن معين في الرجال ص ١٢٣ (٤٠٠): "قيل له: الأوزاعي مثل مالك؟ قال: لا، فقيل له: معمر؟ قال: لا، مالكٌ أكبر الناس كلِّهم في الزُّهري وأثبتُهم عندي"، وذكر الحافظ ابن حجر في تهذيبه ٦/ ٢٤١ عن يعقوب بن شيبة عن ابن معين قوله: "الأوزاعي في الزُّهري ليس بذاك". قال يعقوب: "والأوزاعي ثقة ثبتٌ، وفي روايته عن الزُّهري خاصة شيءٌ"، ونقل ابن رجب في فتح الباري له ٥/ ٣١٧ عن الأثرم قوله: "وسمعت أبا عبد اللَّه -يعني أحمد- يضعّف رواية الأوزاعيّ عن الزُّهري".
قلنا: ولا يعني هذا تضعيف كلِّ ما رواه عن الزُّهري جملة، بل أكثره في عِداد الصحيح، احتجَّ بها الشيخان؛ البخاري ومسلم، ولكن قد يقع في بعض ما يرويه عنه بعض الوهم والخطأ كما نُقل عن غير واحد، وهذا لا يطعن في حفظه، وأنه لم يكن بالحافظ كما ذكر المصنِّف.
وأما ما ذكره البيهقي بإسناده إلى إبراهيم الحربي كما في تهذيب التهذيب ٦/ ٢٤١ - ٢٤٢ أنه قال عن أحمد بن حنبل: "حديثه ضعيف، ثم قال مفسِّرًا لذلك: يريد أحمد بذلك بعض ما يحتجُّ به لأنه أضعف في الرواية، والأوزاعي إمام في نفسه ثقة. لكنه يحتجُّ في بعض مسائله بأحاديث مَن لم يقف على حاله، ثم يحتجُّ بالمقاطيع". =

<<  <  ج: ص:  >  >>