للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو عبد الله المَرْوزيُّ: وكلُّ رجلٍ ثبتَتْ عدالتُه بروايةِ أهلِ العلمِ عنه، وحملِهم حديثَه، فلن يُقبلَ فيه تجريحُ أحدٍ جرَّحَه حتى يثبُتَ ذلك عليه بأمرٍ لا يُجهلُ أنْ يكونَ جُرحةً، فأمّا قولُهم: فلانٌ كذَّاب فليسَ ممّا يثبُتُ به جرحٌ حتى يتبيَّنَ ما قاله.

حدَّثنا محمدُ بن إبراهيمَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن أحمدَ بن يحيى، قال: حدَّثنا محمدُ بن أيُّوبَ الرَّقِّيُّ، قال: سمِعتُ أبا بكرٍ أحمدَ بنَ عَمْرو البزَّارَ يقولُ: روَى عن عكرمةَ مئةٌ وثلاثونَ - أو قال: قريبٌ من مئةٍ وثلاثينَ - رجلًا، من وُجُوهِ البُلدان، بينَ مكِّيٍّ، ومدنيٍّ، وكوفيٍّ، وبَصْريٍّ، ومن سائرِ البُلدانِ، كلُّهم روَى عنه، ورضِيَ به (١).

قال أبو عُمر: جماعةُ الفقهاءِ وأئمَّةُ الحديثِ الذين لهم بصرٌ بالفقهِ والنَّظرِ هذا قولهُم؛ أنّه لا يُقبلُ من ابن مَعِينٍ ولا من غيرِه فيمَن اشتُهِر بالعلمِ وعُرِفَ به، وصحَّتْ عدالتُه وفهمُه، إلّا أن يُتبيَّنَ الوجْهُ الذي يُجَرِّحُه به على حسَبِ ما يجوزُ من تجريح العدلِ المبرَّزِ العدالةِ في الشَّهاداتِ. وهذا الذي لا يَصحُّ أن يُعتقدَ غيرُه، ولا يَحِلُّ أن يُلتفَتَ إلى ما خالفَه. وقد ذكَرنا بيانَ ذلك في بابِ قولِ العلماءِ بعضِهم في بعضٍ من كتابِنا "كتابِ العلم" (٢)، فأغنَى ذلك عن إعادتِه هاهنا، وبالله توفيقُنا.

وذكَر الزُّبيرُ، قال: حدَّثني عمِّي مُصعبٌ، قال: حدَّثني الواقديُّ، قال: حدَّثني خالدُ بن القاسم البَيَاضيُّ، قال: ماتَ عكرِمةُ مولَى ابن عباسٍ وكُثيِّرُ بن عبد الرحمن الخُزاعيُّ صاحبُ عَزَّةَ في يومٍ واحد، في سنة خمسٍ ومئة، فرأيتُهما


(١) في حاشية الأصل بلاغ بالمقابلة نصه: "بلغت المقابلة بحمد الله وحسن عونه".
(٢) جامع بيان العلم وفضله ٢/ ١٠٨٧ - ١١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>