للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن يحيى بن سعيد، عن سلمةَ أبي بشر، عن عكرمةَ في قوله: {الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب: ٥٧]. قال: أصحابُ التصاوير (١).

وذهبَ جماعةٌ من أهل العلم إلى أنَّ الصورةَ المكروهةَ في صنعتِها واتِّخاذِها ما كان له رُوحٌ. وحجتُهم حديثُ القاسم، عن عائشة، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "مِن أشَدِّ النّاسِ عذابًا يومَ القيامةِ المصَوِّرونَ، يقالُ لهم: أحيُوا ما خَلَقتُم" (٢). ففي هذا دليلٌ على أنَّ الحياةَ إنَّما قُصِد بذكرِها إلى الحيوانِ ذواتِ الأرواح.

وقد حدَّثنا أحمدُ بنُ قاسم، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا الحارثُ بنُ أبي أُسامة، قال: حدَّثنا هَوْذةُ بنُ خَليفة، قال: حدَّثنا عوفٌ، عن سعيدِ بنِ أبي الحسن، قال: كنتُ عندَ ابنِ عباسٍ إذ جاءَه رجل، فقال: إنِّي أردْتُ أن أُنَمِّي مَعيشتي من صَنعةِ يدي، وإنِّي أصنعُ هذه التصاوير. فقال ابنُ عباس: لا أُحدِّثُك إلّا ما سمِعتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول، سمِعتُه يقول: "مَن صَوَّرَ صورَةً فإنَّ اللَّهَ مُعذِّبُه يومَ القيامةِ حتى يَنفُخَ فيها الرُّوح، وليس بنافخٍ فيها أبدًا". قال: فكبَا لها الرجلُ كَبوةً شديدة، واصفَرَّ وجهُه، ثم قال: وَيْحَك! إنْ أبيْتَ إلا أن تَصنع، فعليك بهذا الشجر، وكلِّ شيءٍ ليس فيه رُوحٌ (٣).


(١) ابن أبي شيبة في مصنَّفه (٢٥٨٠٩).
(٢) حديث القاسم بن محمد عن عائشة رضي اللَّه عنها هو في الموطأ ٢/ ٥٥٨ (٢٧٧٣) وهو حديث هذا الباب، وليس فيه عنها قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أشدِّ الناس عذابًا يوم القيامة المصوِّرون" إنما يروى هذا من حديث مسروق بن الأجدع عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه مرفوعًا، أخرجه أحمد في المسند ٦/ ٢٢ - ٢٣ (٣٥٥٨)، ومسلم (٢١٠٩)، ومن حديث سالم بن عبد اللَّه بن عمر عن أبيه مرفوعًا، وهو عند أحمد في المسند ٨/ ٤١٢ (٤٧٩٢).
(٣) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٢٩/ ٢٨٧، والمِزِّيّ في تهذيب الكمال ١٨/ ٤٨ - ٤٩ من طرق هوذة بن خليفة، به. =

<<  <  ج: ص:  >  >>