للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففي هذا الحديث بيانُ أنَّ عليًّا والمقدادَ وعمارَ بنَ ياسر، تذاكَروا المَذْيَ؛ فلذلك ما يجيءُ في بعض الآثار عن عليٍّ: فأمرتُ المقدادَ. وفي بعضها: فأمَرتُ عمارًا. وجائزٌ أن يأمرَ أحدَهما، وجائزٌ أن يأمُرَ كلَّ واحدٍ منهما أن يسألَ له فسأل، فكان الجوابُ واحدًا، فحدَّث به مرّةً عن عمار، ومرّةً عن المقداد، هذا كلُّه غيرُ مدفوع؛ لإمكانِه وصحتِه في المعنى، وحسبُك أنهم ثلاثتَهم قد اشترَكوا في المذاكرةِ بهذا الحديثِ وعلمِه والخبرِ عنه.

وذكَر عبدُ الرزاق (١) عن ابنِ جُريج، قال: قال قيسٌ لعطاء: أرأيتَ المذيَ، أكنتَ ماسحَه مسحًا؟ قال: لا، المذيُ أشدُّ من البولِ يُغسَلُ غسلًا. ثم أنشأ (٢) يُحدِّثنا حينئذٍ؛ قال: أخبرني عائشُ بنُ أنسٍ أخو بني سعدِ بنِ ليث، قال: تذاكرَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ وعمارُ بنُ ياسر والمقدادُ بنُ الأسود - المذي، فقال عليٌّ: إني رجلٌ مذّاءٌ، فاسألوا عن ذلك النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ فإني أستحيي أن أسألَه عن ذلك لمكانِ ابنتِه منِّي، ولولا مكانُ ابنتِه منِّي لسألتُه. قال عائش: فسألَه أحدُ الرَّجُلين -عمارٌ أو المقداد، فسمَّى لي عائشٌ الذي سأل النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ذلك منهما، فنَسيتُه- فقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ذلكم المذيُ، إذا وجَده أحدُكم، فلْيغسلْ ذلك منه، ثم ليتوضأ فيُحسِنْ وضوءَه، ثم ليَنْضَح (٣) في فرْجِه". قال ابنُ جُريج: فسألتُ عطاءً عن قولِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَغسلْ ذلك منه". قلت: حيثُ المذيُ يَغسِلُ منه، أم (٤) ذَكَرَه كلَّه؟ فقال: بل حيثُ المذيُ منه قطُّ. فقلتُ لعطاء: ارأيتَ إن وجَدتُ مذيًا، فغسَلتُ ذكَري كلَّه، أنضَحُ في ذلك فرجي؟ قال: لا، حسبُك.


(١) في مصنَّفه ١/ ١٥٥ - ١٥٦ (٥٩٧) و (٥٩٨).
(٢) في د ٣: "أقبل"، والمثبت من بقية النسخ، وهو الذي في مصنَّف عبد الرزاق.
(٣) في المطبوع من المصنف: "لينتضح"، والمثبت من الأصل، وهو الموافق لما نقله صاحب كنز العمال (٢٤٧٢) عن عبد الرزاق.
(٤) في د ٣: "أو"، والمثبت هو الموافق لما في المصنَّف.

<<  <  ج: ص:  >  >>