للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منذرِ بنِ يعلَى الثوريِّ -يُكنى أبا يعلى- عن ابن الحنفية، عن عليٍّ، قال: كنتُ رجلًا مذّاءً، فكنتُ أستحيي أن أسألَ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لمكانِ ابنتِه، فأمَرتُ المقدادَ بنَ الأسود، فسأله فقال: "يغسلُ ذكرَه ويتوضأُ".

قال أبو عُمر: هذا حديثٌ مجتمعٌ على صحَّته، لا يختلفُ أهلُ العلم فيه، ولا في القول به، والمذيُ عندَ جميعِهم يوجبُ الوضوء (١)، ما لم يكنْ خارجًا عن علّةِ إبردةٍ (٢) وزَمانة، فإن كان كذلك، فهو أيضًا كالبول عندَ جميعِهم؛ فإن كان سلِسًا لا ينقطعُ، فحُكمُه كحكم سلَسِ البولِ عندَ جميعِهم أيضًا، إلا أنَّ طائفةً توجبُ الوضوءَ على مَن كانت هذه حاله لكلِّ صلاة، قياسًا على المُسْتَحاضةِ عندَهم، وطائفةً تستحبُّه ولا توجبُه. وقد ذكَرنا هذا المعنَى وأوضَحنا القولَ فيه في باب المستحاضة، عندَ ذكرِ حديثِ نافع عن سليمانَ بن يسارٍ من هذا الكتاب (٣).

وأما المذيُ المعهودُ المعتادُ المتعارف، وهو الخارجُ عندَ ملاعبةِ الرجل أهلَه، لِما يَجدُه من اللذَّةِ أو لطولِ عُزْبة، فعلى هذا المعنى خرَج السؤالُ في حديثِ عليٍّ هذا، وعليه وقَع الجواب، وهو موضعُ إجماع، لا خلافَ بينَ المسلمين في إيجابِ الوضوءِ منه، وإيجابِ غَسلِه لنجاستِه.

أخبرنا سعيدُ بنُ نَصر وعبدُ الوارثِ بنُ سفيان، قالا: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا ابنُ وَضّاح، قال: حدَّثنا أبو بكرِ بنُ أبي شيبة، قال (٤): حدَّثنا


(١) ينظر: الأوسط لابن المنذر ١/ ٢٤١ (٢٠).
(٢) الإبرِدة: بكسر الهمزة والرّاء: علَّة مَعْروفةٌ مِن غَلبة البَرْدِ والرُّطوبة تُفتِّر عن الجماع. الصحاح (برد).
(٣) سلف عند شرح الحديث الرابع والسبعين لنافع مولى عبد اللَّه بن عمر.
(٤) في مصنَّفه (٩٧١) وعنه ابن ماجة (٥٠٤).
وأخرجه الترمذي (١١٤)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٧/ ١٣٠ (٢٧٠٥)، وفي شرح معاني الآثار ١/ ٤٦ (٢٥٠) من طرق عن هشيم بن بشير الواسطي، به. =

<<  <  ج: ص:  >  >>